اليمامة (١) وبيده راية خالد بن الوليد أن يصيح بأعلى صوته وقد غلب العدوّ على الرجال : أمّا الرجال فلا رجال ، وأما الرجال فلا رجال ، اللهمّ إنّي أبرأ إليك من فرار أصحابي ، ومما جاء به مسيلمة الكذّاب (٢). وتقدّم بالرّاية في نحر العدوّ وهو يضارب بسيفه حتى قتل ـ رحمهالله ـ فأخذها سالم مولى أبي حذيفة (٣) فقال المسلمون : يا سالم إنّا نخاف أن نؤتى من قبلك فقال : بئس حامل القرآن أنا إذن إن أتيتم من قبلي. ونادت الأنصار ثابت بن قيس (٤) وهو يحمل رايتهم : يا ثابت الزمها فإنّما ملاك القوم الراية. فتقدّم سالم فحفر برجليه حتّى بلغ أنصاف ساقيه ، وفعل ثابت كذلك فكان النّاس يتفرّقون يمينا وشمالا وهما قائمان حتّى قتلا ـ رحمهماالله ـ وبقيت الراية بعد سالم حتى رفعها يزيد
__________________
(١) انظر خبر اليمامة في كتاب البلدان وفتوحها وأحكامها للبلاذري : ١٠٣.
(٢) مسيلمة الكذاب ت ١٢ ه ـ ٦٣٣ م : مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي ، أبو ثمامة ، متنبىء من المعمّرين ، ولد ونشأ في اليمامة في القرية المسماة اليوم بالجبيلة بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد ، وتلقب في الجاهلية بالرحمن. لما وفد بنو حنيفة على الرسول أتى معهم مسيلمة ولم يقابل الرسول (صلىاللهعليهوسلم) بل بقي خارج مكة. ولما عاد راسل الرسول على أن يكون شريكه وكان ذلك في أواخر سنة ١٠ ه وتوفي الرسول. فلمّا انتظم الأمر لأبي بكر انتدب له أعظم قواده خالد بن الوليد فقضى عليه واستشهد عدد كبير من المسلمين ـ عن الأعلام ٧ : ٢٢٦.
(٣) سالم ت ١٢ ه ـ ٦٣٣ م : سالم بن معقل ، أبو عبد الله ، مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، صحابي ، من كبارهم وكبار قرائهم ، فارسي الأصل ، أعتقته ثبيتة زوج أبي حذيفة صغيرا ، وتبناه أبو حذيفة وزوّجه ابنة أخ له ، وهو من السابقين إلى الإسلام كان يؤم المهاجرين الأولين قبل الهجرة في مسجد قباء وفيهم أبو بكر وعمر ، شهد بدرا وكان معه لواء المهاجرين يوم اليمامة فاستشهد وقد سبقه مولاه أبو حذيفة فأوصى أن يدفن بجانبه ـ الإصابة ٣ : ٥٦ برقم : ٣٠٤٦ والأعلام ٣ : ٧٣.
(٤) ثابت بن قيس ت ١٢ ه ـ ٦٣٣ م : ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي الأنصاري ، صحابي كان خطيب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد وفي الحديث : نعم ـ