وفشل. فقال له مجاعة بن مرارة (١) وكان من أشراف بني حنيفة أسيرا عند خالد : كلّا والله ، ولكنها الهندوانية والغداة باردة ، وما فعلوه إلّا لتسخن متونها بحرّ الشّمس. فلمّا دنوا من المسلمين نادوا : إنّا نعتذر إليكم من سلّنا سيوفنا ، والله ما سللناها تهيّبا منكم ولا جبنا عنكم ، ولكنها الهندوانية والغداة باردة فخفنا تحطّمها فأردنا أن تسخن متونها إلى أن نبلغكم(٢).
ففي هذا تنبيه على حفظ السيوف وتعليم الجرأة على مواطن الخوف ، قال المعري(٣) :
وإن ضربت بسيف الهند في ومد |
|
فسيف إفرنجة المخبوّ للشّبم (٤) |
__________________
(١) مجاعة بن مرارة (ت ٤٥ ه ـ ٦٦٥ م) : من سادة بني حنيفة ، صحابي ، كان بليغا حكيما من رؤساء قومه في اليمامة ، أقطعه النبي (صلىاللهعليهوسلم) أرضا بها. وتزوّج خالد بن الوليد ابنته. وله شعر فيه حكمة. عن الأعلام ٥ : ٢٧٧ ـ والإصابة ٦ : ٤٢ برقم ٧٧١٦.
(٢) انظر الخبر في كتاب «البلدان وفتوحها وأحكامها» للبلاذري : ١٠٤ وهو بألفاظ مقاربة.
(٣) المعري (٣٦٣ ـ ٤٤٩ ه ـ ٩٧٣ ـ ١٠٥٧ م) : أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري ، شاعر فيلسوف ، ولد ومات في معرة النعمان (جنوبي حلب) كان نحيف الجسم ، أصيب بالجدري صغيرا فعمي في السنة الرابعة من عمره ، قال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ، رحل إلى بغداد سنة ٣٩٨ ه فأقام بها سنة وسبعة أشهر. وهو من أهل بيت علم كبير في بلده. ولما مات وقف على قبرة (٨٤) شاعرا يرثونه. كان يملي كتبه على كاتبه علي بن عبد الله ابن أبي هاشم. لم يأكل اللحم مدة خمس وأربعين سنة. من كتبه ديوان سقط الزند وديوان لزوم ما لا يلزم ورسالة الغفران ورسالة الملائكة والصاهل والشاحج وغير ذلك. عن الأعلام ١ : ١٥٧.
(٤) من مقطوعة للمعري في بيتين هذا ثانيهما وقبله :
أعدد لكلّ زمان ما يشاكله |
|
إنّ البراقع يستثبتن بالشّبم. |
والشبم هنا كل خيطين في البرقع تشده المرأة إلى قفاها. والشبم في البيت الثاني هو البرد لزوم ما لا يلزم ٢ : ٤٥٢.