على قدر النيّة ولا يجوز الاستبداد بها إلّا بإذن الإمام ، فإن أذن جازت إجابة من دعا إليها بشرطين :
أحدهما : أن يكون ذا نجدة وبأس وشجاعة ، علم من نفسه أنه لا يعجز عن مقارنة قرنه.
وقال مالك : إن خاف الضعف فلا يبارز ، فربّ ضعيف يقتل فيهدّ [م ٥٣] الناس ويوهنهم. وسيرد ما في عضده ومعونته إن خيف عليه الغلبة.
والشرط الثاني أن لا يكون زعيم الجيش فيؤثر في المسلمين فقده فإنّ فقد الزعيم المدبّر في الحرب يفضي إلى الهزيمة ، وقد قيل : إنّ إقدام النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على المبارزة كان قد وثق نصر الله له ، وأيقن بإنجاز ما وعده به ، وقد علم من ذلك ما لا ينبغي لغيره :
فممّا ورد من ذلك ما وقع ببدر حين برز عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة فبرز إليهم من الأنصار عوف (١) ومعاذ (٢) ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة فقال القرشيّون ليبرز إلينا اكفاؤنا فما نعرفكم ، فبرز إليهم ثلاثة من بني هاشم. برز علي بن أبي طالب إلى
__________________
(١) عوف بن عفراء ت ٢ ه ـ ٦٢٤ م : عوف بن الحارث وهو عوف بن عفراء أخو معاذ ومعوذ ، ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدرا ، وهو الذي قال للرسول (صلىاللهعليهوسلم) : يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟ ؛ قال : أن يراه قد غمس يده في القتال حاسرا. فنزع عوف درعه وتقدم فقاتل حتى قتل شهيدا. انظر الإصابة ٥ : ٤٢ برقم : ٦٠٨٧ والسيرة النبوية ١ : ٤٦٠ (وقعة بدر) وقد قتل أخوه معوذ في بدر أيضا. السيرة ١ : ٤٦٦.
(٢) معاذ بن عفراء ت ٢ ه ـ ٦٢٤ م : هو معاذ بن الحارث بن رفاعة النجاري الأنصاري الخزرجي المعروف بابن عفراء وهي أمه ، شهد العقبة وبدرا وقيل إنه جرح ببدر فمات من جراحه ، عن الإصابة ٦ : ١٠٧ برقم : ٨٠٣٤.