كان أبو مسلم (١) صاحب الدولة العباسية يقول لقوّاده : أشعروا قلوبكم الجرأة فإنّها من أسباب الظّفر ، وأكثروا ذكر الضغائن فإنّها تبعث على الإقدام ، والزموا الطاعة فإنّها حصن المحارب ، وإذا عرض لكم أمران أحدهما أقرب إلى الموت فآثروه (٢).
ومما يشجّع قول العرب : الشجاع موقّى والجبان ملقّى (٣) ، قالوا ـ واعتبر ذلك ـ فإنّ من يقتل مدبرا أكثر ممن يقتل مقبلا. ولذلك قال أبو بكر رضياللهعنه لخالد بن الوليد : احرص على الموت توهب لك الحياة (٤) قال الحصين بن الحمام (٥) :
__________________
(١) أبو مسلم (١٠٠ ـ ١٣٧ ه ـ ٧١٨ ـ ٧٥٥ م) : أبو مسلم الخراساني ، عبد الرحمن بن مسلم ، مؤسس الدولة العباسية ، وأحد كبار القادة ، ولد في (ماه البصرة) مما يلي أصبهان ، اتّصل بإبراهيم الإمام (من بني العباسي) فأرسله إلى خراسان داعية فاستمال أهلها واستولى على نيسابور فخطب باسم السفاح العباسي وشارك في هزيمة مروان بن محمد ، وارتفع شأن أبي مسلم وبلغ منزلة عالية فقتله أبو جعفر المنصور.
كان أبو مسلم فصيحا بالعربية والفارسية مقداما داهية حازما راوية للشعر قصير القامة أسمر اللون رقيق البشرة ، حلو المنظر ، طويل الظهر قصير الساق ، لم ير ضاحكا ولا عبوسا ، خافض الصوت في حديثه قاسي القلب. عن الأعلام ٣ : ٣٣٧.
(٢) النص إلى هنا في عيون الأخبار ١ : ١٣٤.
(٣) في مجمع الأمثال : الشجاع موقى ٢ : ١٦١ برقم ١٩٤٩ قال : وذلك أنّه قلّ من يرغب في مبارزته ـ أي مبارزة الشجاع ـ خوفا على نفسه ، وهذا كما يقال : احرص على الموت توهب لك الحياة. وانظر شرح الحماسة للمرزوقي ١ : ١٩٧.
(٤) عيون الأخبار ١ : ١٢٦.
(٥) الحصين بن الحمام ت نحو (١٠ ق. ه ـ ٦١٢ م) : ابن ربيعة المرّي الذبياني أبو يزيد ، شاعر فارس جاهلي ، كان سيد بني سهم بن مرّة (من ذبيان) ويلقب «مانع الضيم» في شعره حكمة ، وهو ممن نبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية. مات قبل ظهور الإسلام. وقيل : أدرك الإسلام.
الأعلام ٢ : ٢٦٢. سمط اللالئ ٢٢٦ خزانة الأدب ٢ / ٩.