المخاطر ، ومثال ذلك ما يعرض للذين يركبون البحر عند ارتجاجه وهوله ، فإنّ الذين لم يجرّبوا أهوال البحر يكونون شجعانا لجهلهم بالعواقب ، والذين لهم تجربة به يكونون أيضا شجعانا لما اتّفق لهم من السلامة قبل ذلك.
قال عليّ رضوان الله عنه : من فكر في العواقب لم يشجع (١). فإذا كان ترك التفكّر فيها مشجّعا فالجهل بها أحرى ، قال ابن علّفة (٢) [م ٦٠] :
إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه |
|
وأعرض عن ذكر الحوادث جانبا |
ولم يستشر في رأيه غير نفسه |
|
ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا (٣) |
ومما يشجع أن يعتقد الإنسان أنّه أفضل من الذي يغالبه ، والغضب أيضا مما يشجّع ، وممّا يحرك الغضب أن يكون مظلوما غير ظالم فإنّ المظلوم يشجّعه الغضب وثقته بأنّ الله ينصر المظلومين ، وكذلك أيضا يحرّك الغضب بذكر الضغائن والأحقاد.
__________________
(١) قول عليّ في العقد ١ : ٩٧.
(٢) هذه الأبيات لسعد بن ناشب بن مازن بن عمرو بن تميم وهو شاعر إسلامي كان من شياطين العرب ، وهو صاحب يوم الوقيط في الإسلام بين تميم وبكر بن وائل (انظر العقد ٥ : ١٨٢) وانظر خزانة الأدب ٣ : ٤٤٤ وسمط اللالئ : ٧٩٢ والشعر والشعراء ٦٧٧ وفي شرح التبريزي : أنه كان أصاب دما فهدم بلال داره. واشتقاق «ناشب» من قولهم : رجل ناشب : أي ذو نشب.
عن حاشية الحماسة بشرح المرزوقي ١ : ٦٧.
(٣) البيتان هما الثامن والتاسع من الحماسية العاشرة التي ذكرها أبو تمام برقم (١٠) وهي تسعة أبيات أولها :
سأغسل عني العار بالسيف جالبا |
|
عليّ قضاء الله ما كان جالبا |
انظر الأبيات مع شرحها في شرح المرزوقي للحماسة ١ : ٦٧ برقم ١٠ كذلك ذكرها ابن قتيبة في عيون الأخبار ١ : ١٨٧. ١٨٨.