كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ثمّ ها أنذا أموت حتف أنفي (١) ، فلا نامت أعين الجبناء (٢).
قال قطريّ بن الفجاءة (٣) :
لا يركنن أحد إلى الإحجام |
|
يوم الوغى متخوّفا لحمام |
فلقد أراني للرماح دريئة |
|
من عن يميني تارة وأمامي |
حتّى خضبت بما تحدّر من دمي |
|
أحناء سرجي بل عنان لجامي |
ثمّ انصرفت وقد أصبت ولم أصب |
|
جذع البصيرة قارح الإقدام (٤) |
وكذلك عدم التجربة أيضا مشجع للجهل بما في ذلك الأمر من
__________________
(١) في العقد ١ : ١٣٩ : أموت حتف أنفي كما يموت العير.
(٢) الخبر في العقد ١ : ١٣٩ وفي عيون الأخبار ١ : ١٦٥.
(٣) قطري بن الفجاءة ت (٧٨ ه ـ ٦٩٧ م) : قطري (أبو نعامة) ابن الفجاءة واسمه «جعونة» ابن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي من رؤساء الأزارقة (من الخوارج) وأبطالهم ، من أهل (قطر) كان خطيبا فارسا شاعرا استفحل أمره في زمن مصعب بن الزبير (ت ٧١ ه) لما ولي العراق نيابة عن أخيه عبد الله. وبقي قطريّ ثلاث عشرة سنة يقاتل ويسلّم عليه بالخلافة وإمارة المؤمنين ، والحجّاج يسيّر إليه جيشا بعد جيش وهو يردّهم ويظهر عليه ، وكانت كنيته في الحرب أبا نعامة (ونعامة فرسه) وفي السلم أبا محمد. كان فصيحا مفوّها سيدا عزيزا. اختلف في مقتله. عن الأعلام ٥ / ٢٠٠ وقد جمع الدكتور إحسان عباس شعر قطريّ ضمن كتاب «شعر الخوارج» والأبيات في الكتاب المذكور ص ١١٢ برقم ١٠٩ وفي الحماسة بشرح المرزوقي ١ / ١٣٦ برقم ٢٠
(٤) الأبيات في شعر الخوارج ١١٢ برقم ١٠٩ ومعنى قوله : لا يركنن أي لا يميلن والإحجام النكوص. والدريئة هي الحلقة التي يتعلم عليها الطعن. وأحناء السرج : نواحيه والجذع : الشاب الحدث والقارح : هو الذي انتهى سنه ومعنى البيت كما فسّره أبو العلاء المعري أنه قد كان لم يزل شجاعا فإقدامه قارح وبصيرته محدثة لأنه كان فيما سلف لا يرى رأي الخوارج ثم تبصّر في آخر أمره فعلم أنهم على الحق. عن محقق شعر الخوارج وفي شعر الخوارج بيتان بعد هذه الأبيات وهي في الحماسة أربعة أبيات.