ولا يدرون ما هنالك ، وإذا الرجل يحمل رأسي العلج. فألقى الرأس بين يدي المنصور. وقال له ابن المصحفيّ : عن هؤلاء الرجال أخبرك أنّه ليس في عسكرك منهم ألف ولا خمسمئة ولا مئة ولا خمسون ولا عشرون ولا عشرة.
قال : فردّ المنصور المصحفيّ إلى منزلته وأكرمه (١).
واعلم (٢) ـ أرشدك الله ـ أنّ الله سبحانه قد أوضح لنا في كتابه علّة النصر / [س ٩٣] وعلّة الهزائم والفرار فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)(٣) يعني إن تنصروا دين الله ورسوله ، وأمّا الفرار فبغلبة المعاصي ، قال الله العظيم : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ)(٤) أي بشؤم ذنوبهم وتركهم المركز الذي رسمه لهم الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذلك أنّه رتّب ـ عليهالسلام ـ الرّماة يوم أحد على ثلمة الجبل ليمنعوا قريشا أن يخرجوا عليهم كمينا من تلك المواضع. ثم التقى المسلمون والكفّار فقال الرماة : لا تفوتنا الغنائم ، فأقبلوا على الغنائم وتركوا المركز الأوّل. فخرجت خيل المشركين من هنالك وأقبلوا على المسلمين فكانت مقتلة أحد (٥).
وليخف (٦) قائد الجيش العلامة التي هو مستعلم بها ، فإنّ عدوّه إن
__________________
(١) انتهى الخبر في سراج الملوك.
(٢) سراج الملوك ٢ : ٦٩١.
(٣) سورة محمد ٤٧ الآية ٧.
(٤) سورة آل عمران ٣ / الآية ١٥٥.
(٥) انظر السيرة ٢ : ٦٢٥ (ذكر ما أنزل الله في أحد من القرآن).
(٦) سراج الملوك ٢ : ٦٩١.