الأرض (١) ، كلّ رجل منهم قد ألقم ركبته اليسرى الأرض ، وترسه قائم بين يديه ، وخلفهم الرماة المختارون الذين تمزّق سهامهم الدروع ، والخيل خلف الرماة ، فإذا جاءت الرّوم على المسلمين لم تتزحزح الرجّالة عن هيئتها ولا قام رجل منهم على قدميه ، فإذا قرب العدوّ رشقتهم الرّماة بالسهام / [م ٧٢] والرجّالة بالمزارق ، وصدور الرماح تلقاهم فيأخذوا يمنة ويسرة فتخرج خيل المسلمين فتنال منهم ما شاء الله تعالى.
قال بعضهم (٢) في معترك الحرب (٣) :
ومعترك تهزّ له المنايا |
|
ذكور الهند في أيدي ذكور |
لوامع يبصر الأعمى سناها |
|
ويعمى دونها طرف البصير |
وخافقة الذوائب قد أنافت |
|
على حمراء ذات شبا طرير |
تحوّم حولها عقبان موت |
|
تخطّفت القلوب من الصدور |
بيوم راح في سربال ليل |
|
فما عرف الأصيل من البكور |
وعين الشمس ترنو في قتام |
|
رنوّ البكر من خلف السّتور (٤) |
قال ارسطاطاليس (٥) للإسكندر (٦) : اعلم أن الحرب جسد وروح
__________________
(١) عبارة سراج الملوك : فيصفّوا صفوفهم ، ويركّزوا مراكزهم ، ورماحهم خلف ظهورهم في الأرض ، وصدورهم شارعة إلى عدوّهم وهم جاثمون في الأرض.
(٢) هو ابن عبد ربه الأندلسي ، أحمد بن محمد المتوفى سنة ٣٢٨ ه صاحب كتاب العقد الفريد.
(٣) الأبيات في العقد الفريد ١ : ٩٦ وفي شعر ابن عبد ربه ص ١٦٣ ق ١٢٥ وفي يتيمة الدهر ٢ : ٧٥ ، ٧٦ ونهاية الأرب ٦ : ١٩١ ، ١٩٢.
(٤) وبعده يأتي البيت الأخير :
فكم قصّرن من عمر طويل |
|
به ، وأطلن من عمر قصير |
(٥) أرسطاطاليس ٣٨٤ ـ ٣٢٢ ق. م : فيلسوف ومعلم وعالم يوناني ، يعدّ هو وأستاذه أفلاطون أهم فيلسوف بين جميع فلاسفة اليونان القدماء. وقد ألّف بالعربية عدد من الكتب عنه وترجمت كتبه إلى العربية قديما وحديثا انظر الموسوعة العربية العالمية ١ : ٥٠٦.
(٦) الإسكندر المكدوني ٣٥٦ ـ ٣٢٣ ق. م : ملك مكدونيا (الإسكندر الأكبر) هو أحد كبار ـ