السلطانية بالسعيد أسعده الله تعالى ، وبعث معه أنجاد الفرسان ووجوه القبائل وكفاة الرجال وأدرّ عليهم الارزاق ووسع لهم الإقطاع ، وحرر بلادهم من المغارم ، وبذل لهم جزيل الإحسان.
وبلغ من اهتمامه بأمور الجبل أن أمر ـ أيده الله ـ ببناء شكل يشبه شكل الجبل المذكور فمثّل أشكال أسواره وأبراجه وحصنه وأبوابه ودار صنعته ، ومساجده ومخازن عدده وأهرية زرعه ، وصورة الجبل وما اتصل به من التربة الحمراء فصنع ذلك بالمشور السعيد فكان شكلا عجيبا أتقنه إتقانا يعرف قدره من شاهد الجبل وشاهد هذا المثال ، وما ذلك إلا لتشوقه أيده الله إلى استطلاع أحواله وتهمّمه بتحصينه وإعداده ، والله تعالى يجعل نصر الإسلام بالجزيرة الغربية على يديه ، ويحقق ما يؤمله في فتح بلاد الكفار وشتّ شمل عبّاد الصليب ، وتذكرت حين هذا التقييد قول الأديب البليغ المفلق أبي عبد الله محمد بن غالب الرّصافي البلنسي (١٦) ، رحمهالله ، في وصف هذا الجبل المبارك ، من قصيدته الشهيرة في مدح عبد المؤمن بن علي (١٧) التي أولها
لو جئت نار الهدى من جانب الطّور |
|
قبست ما شئت من علم ومن نور!! |
__________________
(١٦) أبو عبد الله محمد بن غالب الرصافي أصله من رصافة بلنسية وإليها نسبته تحدث عنه غير مصدر من مصادر التاريخ الأندلسي ، ويلقّب بالرفّاء لأنه كان يرفأ الثياب ترفعا عن التكسب بشعره وعرفه المراكشي صاحب كتاب المعجب بالوزير الكاتب ، أدركه أجله بمالقة يوم الثلاثاء ١٩ رمضان عام ٥٧٢ ـ ١١٧٧ ابن صاحب الصلاة : تاريخ المن بالإمامة طبعة ثالثة ١٩٨٧ ص ١١٠ تعليق ٢ ـ الاحاطةII ص ٥٠٥ ـ ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ـ ٥١٥.
(١٧) عبد المؤمن بن علي هو مؤسس الدولة الموحدية ، وهو في الواقع الذي جعل من جبل طارق شيئا يذكر وسمّاه جبل الفتح وحكم المغرب من حدود مصر إلى المحيط الاطلسي بما في ذلك الاندلس ... ولا بد من العودة إلى تاريخ ابن صاحب الصلاة : المن بالامامة لنقرأ عن رحى الرّيح التي أنشأها هناك وعن أنواع الفواكه والثمار التي أصبح الجبل يتوفر عليها على ما أسلفنا تعليق ٨ ـ توفي عبد المومن عام ٥٥٨ ـ ١١٦٢ ...