الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم التحق بربه وقد أدّى ما عليه من مهمّة التبليغ والدعوة خير أداء ، وقام بتثقيف الاُمّة الإسلاميّة أفضل قيام ، ولكن الاُمّة كانت تعاني ـ بعد وفاة النبيّ ـ من مشكلات كبيرة تشريعيّة بالنسبة للحوادث المستجدّة والوقائع الجديدة ، فماذا كان السبب ؟ فهل كان هناك نقص في التشريع الإسلاميّ ، أم كان هناك أمر آخر يتعلّق بالاُمّة نفسها ؟.
وبعبارة اخرى : إنّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة أعلنا من جانب عن إكمال الشريعة وأنّه ما من شيء تحتاج إليه الاُمّة إلاّ وقد جاء به الكتاب والسنّة ، وبيّنه وأتمّه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهذا ممّا لا يشكّ فيه أحد من المسلمين ، خصوصاً بعد القول بخاتميّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وانسداد باب الوحي الإلهيّ.
ومن جانب آخر ، نرى بأن الاُمّة الإسلاميّة فوجئت بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بحوادث جمّة لم تجد لها حلولاً في الكتاب والسنّة ، وقد اعترفت بذلك أتم اعتراف.
فكيف يمكن الجمع بين الأمرين والتوفيق بينهما ؟.
إنّ الذي تدلّ عليه الشواهد التأريخية ، هو أنّ المسلمين لم يستطيعوا ـ رغم ما بذله الرسول الأكرم من جهود كبرى في فترة رسالته ـ أن يستوعبوا التربية العلميّة الكافية والتعبئة الفكريّة اللازمة التي تؤهّلهم لمواجهة جميع المفاجئات ، وحلّ جميع المشكلات والمسائل المستجدّة بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك لأنّ مثل هذه التربية الكافية ، وهذه التعبئة الوافية بالحاجة والحاجات المستجدّة كانت تتطلّب فترة طويلة ، وجوّاً من الطمأنينة ، وتركيزاً شديداً.
ولكن هذه الظروف والشرائط المساعدة لم تتوفّر لا للمسلمين ، ولا للنبيّ الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم خلال مدّة الدعوة التي استغرقت ٢٣ عاماً.
وإليك فيما يأتي تفصيل العوامل التي حالت دون أن يستوعب المسلمون جميع أبعاد الشريعة ، ويتلقّوا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم التعبئة الفكرية الكافية والتعليم الواسع ، رغم