درجةً ، ومنطوياً على علوم لم تكن مألوفةً في ذلك العصر ، وعلى أبعاد عديدة (١) تخفى على العاديين من الناس ، فإنّ الإطلاع على هذه الأبعاد والأوجه والحقائق كان يقتضي أن يتصدى لشرحها وتفسيرها وبيان مفاهيمها العالية جليلها ودقيقها : النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو من يليه في العلم والكفاءة والمؤهلات الفكريّة صيانةً من الوقوع في الاتجاهات المتباينة ، والتفاسير المتعارضة التي تؤول إلى المذاهب المتناقضة والمسالك المتناحرة ـ كما حدث ذلك في الاُمّة الإسلاميّة ـ مع الأسف.
ولو سأل سائل :
إنّ القرآن الكريم يصف نفسه بأنه كتاب مبين إذ يقول : ( قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ) ( المائدة : ١٥ ).
كما يصف نفسه بأنّه نزل بلسان عربي مبين فيقول : ( وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) ( النحل : ١٠٣ ).
ويقول في آية اخرى بأن الله سبحانه وتعالى يسّره للذكر حيث يقول مكرّراً : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) ( القمر : ١٧ ، ٢٢ ، ٣٢ ، ٤٠ ).
ويصرّح في موضع آخر بأنّه سبحانه يسره بلسان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) ( الدخان : ٥٨ ).
ومع ذلك كيف يحتاج إلى التفسير والتوضيح ، وما التفسير إلاّ رفع الستر وكشف القناع عنه ؟.
كيف يحتاج إلى مبيّن ومفسّر قد قال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه : « إنّ القرآن يفسر بعضه بعضاً ».
وقال الإمام عليّ عليهالسلام في شأنه : « كتاب الله تبصرون به وتنطقون به
__________________
(١) ولقد أشار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذا بقوله :
« له ظهر وبطن وظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره انيق وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه » الكافي ( كتاب القرآن ) ٢ : ٥٩٨ ـ ٥٩٩.