كفيل أيضاً بأن يزيل جميع الاعتراضات الواردة على الانتخاب الشعبيّ ... ويحقّق أفضل حكومة من نوعها بين الحكومات.
* * *
السؤال الثاني :
إذا كان انتخاب الحاكم الأعلى غير مختص بفريق معيّن من أفراد الاُمّة ، فلماذا يقول الإمام عليّ عليهالسلام في بعض رسائله : « وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضىً » (١) .
الجواب :
إنّ السبب في حصر الإمام عليّ عليهالسلام حقّ انتخاب الإمام في المهاجرين والأنصار ـ بغضِّ النظر عن الملاحظات الجديرة بالاهتمام في هذه الرسالة ـ هو تعذّّر إجراء الاستفتاء العامّ الشامل ، وعدم إمكان استعلام آراء المسلمين كلّهم في ذلك العهد ، الذي كان يفقد الوسائل الكافية للاتصال بجميع أفراد الاُمّة. وحيث أنّ تأخير الانتخاب للحاكم الأعلى ريثما يتمّ الوقوف على كلّ آراء المسلمين جميعاً ، كان ينطوي على تعريض الاُمّة الإسلاميّة لأخطار جديّة حقيقيّة لا تخفى على كلّ من يعرف الأوضاع في تلك الحقبة من تاريخ الإسلام ، نجد الإمام عليهالسلام يختار هذا الاُسلوب ويعلّل ذلك بقوله : « ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتّى تحضرها عامّة الناس فما إلى ذلك من سبيل ، ولكنّ أهلها يحكمون على من غاب عنها ، ثمّ ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار » (٢).
كيف لا وقد مر عليك أيّها القارئ الكريم أنّ الإمام عليّاً عليهالسلام صرّح في بعض خطبه بوضوح لا يقبل جدلاً ، أن إرادة الاُمّة الإسلاميّة ، هي مصدر السلطات ، وأنّ الحكومة يجب أن تكون موضع رضا الناس (٣).
__________________
(١) نهج البلاغة : الرسالة رقم (٦).
(٢) نهج البلاغة : الرسالة (١٧٣) طبعة عبده.
(٣) راجع الصفحة ٢٠٧ ـ ٢٠٨ من هذا الجزء.