مُضطرب استكنت تلك النطفة في الرَّحم فخرج الرَّجل يشبهُ أباه واُمَّهُ » (١).
وهذا الحديث يشير إلى أنّ صفات الوالد أو الاُم تنتقل إلى الطفل بصورة قهريّة وراثيّة إن خيراً فخير ، وإن شراً فشرّ.
فكيف لا تنعكس الحالة النفسيّة المضطربة للزاني والزانية في الطفل ولا تورث في خلقته اعوجاجاً ـ ولو قليلاً ـ يؤهّله للانحراف الأشدّ.
وكيف يمكن أعطاء زمام الحكم والقيادة وهو أعظم مقام وأخطر منصب في حياة الاُمّة الإسلاميّة بيده وهو لا يؤمن عليه من الانحراف والشذوذ.
ولهذا يقول الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام عن ولد الزنا : « إنّه يحنّ إلى الحرام والاستخفاف بالدين وسوء المحضر » (٢).
وهو أمر تثبته التحقيقات الاجتماعيّة ، والوقائع العلميّة.
فإذا كان هذا هو شأن ولد الزنا لم يصلح إذن للقيادة ولم يكن فيه خير كما قال الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : « لا خير في ولد الزنا ولا في بشرته ولا في شعره ولا في لحمه ، ولا في دمه ولا في شيء منه » (٣).
وربمّا يحتمل في الحاكم الإسلاميّ شرائط ومؤهّلات اُخرى لم نجد لها دليلاً
__________________
(١) بحار الأنوار ١٤ : ٣٧٩ ( الطبعة القديمة ).
(٢) سفينة البحار : ٥٦٠.
(٣) إنّ ما ذكرناه من حالة ولد الزنا إنّما هو من باب وجود الاستعداد الأكثر ، والأرضيّة المناسبة للانحراف والشذوذ وبالتالي بيان وجود المقتضي للفساد في الطفل المولود من الزنا ، ولذلك لو شبَّ وكبر كان بإمكانه كأيّ إنسان آخر مختار ، أن يحرز نفسه من آثار هذه الحالة ، ويطهّرها من الشوائب العالقة بطبيعته ، فلا يوجب ما ذكرنا فيه من الحالة الناشئة من الزنا جبراً ... وتفصيل البحث موكول إلى محلّه ، وبالتالي إنّ المتولّد من الزنا كالمتولّد من الأبوين المسلولين يكون أكثر استعداداً وقابليةً من غيره للتعرّض إلى السل ولكنّه في إمكانه أن يراجع الطبيب ويقوم بإعمال وقائيّة تمنع من نمو ذلك الاستعداد ، وتمنعه من الابتلاء بداء والديه.
وبعبارة اُخرى : إنّ خبث الولادة بمنزلة المقتضي لانحراف الطفل أيام شبابه وكبره وليست علّةً تامّةً له.