فأكتفينا بما ذكرناه لك.
أمّا العقل والبلوغ ، فلم نذكرهما بصورة مستقلة لدخولهما تحت العناوين والصفات السابقة قهراً ، كما هما من الاُمور التي لا يختلف فيهما اثنان.
ثم إنّ النصوص الإسلاميّة دلّت على أنّ الحاكم الإسلاميّ يجب أنّ يكون متحلّياً بالأخلاق الإنسانيّة العالية مضافاً إلى توفّر الصفات المذكورة سابقاً فيه ، فلا يكون مثلاً حريصاً على الملك متعطشاً إلى الرئاسة ، لأنّ ذلك يدلّ في الأغلب على رغبة في الاستئثار والتسلّط الذي ـ يسوّغ للحاكم ـ بدوره ـ أن يفعل كلّ شيء لتثبيت سلطته وتبرير استئثاره.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنَّا والله لا نولّي هذا العمل أحداً سألهُ ، أو أحداً حرص عليه » (١).
وعندما طلب عبد الله بن عباس من الإمام عليّ عليهالسلام أن يفوّض إمارة البصرة والكوفة إلى طلحة والزبير اللذين كانا يطلبان الرئاسة والحكومة ، حتّى يحسم بذلك مادة الفساد ، فأجابه عليهالسلام بقوله : « ويحك إنّ العراقين بهما الرِّجالُ والأموالُ ، ومتى تملكا رقاب النَّاس يستميلا السفينة بالطَّمع ، ويضربا الضَّعيف بالبلاء ، ويقويا على القوي بالسلطان ، ولو كنت مستعملاً أحداً ـ لضرّه أو نفعه ـ لاستعملتُ مُعاوية على الشام.
ولولا ما ظهر لي من حُرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي » (٢).
إلى غير ذلك من الأخلاق التي تتطلّبها الولاية.
كما ينبغي أنْ يكون بعيداً في حكمه عن أساليب الطغاة والجبارين ، فلا يتخذ حاجباً مثلاً.
فعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٥ كتاب الإمارة ، الحديث ١٤.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ٤٠.