مع رأي ابن اُبيّ وكان ذلك رأي الأكابر من المهاجرين والأنصار.
فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدراً وطلبوا من رسول الله الخروج إلى عدوّهم ورغبوا في الشهادة وأحبّوا لقاء العدو : أخرج بنا إلى عدوّنا.
وقال رجال من أهل السنّ والنبه منهم حمزة بن عبد المطلّب ، وسعد بن عبادة ، والنعمان بن مالك من الأوس والخزرج : إنّا نخشى يا رسول الله ، أن يظنّ عدونا أنّا كرهنا الخروج إليهم جبناً عن لقائهم ، فيكون هذا جرأة ، ورسول الله لما يرى من إلحاحهم كاره ، وقد لبسوا السلاح يخطرون بسيوفهم يتسامون كأنّهم الفحول.
وقال مالك بن سنان : يا رسول الله نحن والله بين إحدى الحسنيين ، إمّا أن يظفرنا الله بهم ، أو يرزقنا الله الشهادة ، وقال حمزة بن عبد المطّلب : والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاماً حتى أجادلهم بسيفي خارجاً من المدينة.
وتكلّم آخرون بمثل ما تكلّم به طلاّب الشهادة والخروج.
فلما أبوا إلاّ الخروج ، صلّى رسول الله الجمعة بالناس ثمّ وعظ الناس وأمرهم بالجدّ والجهاد (١).
فالناظر فيما نقله الواقديّ حول هذه المشورة يرى تسليم النبيّ للطائفة الثانية لما رأى منهم من الحرص والولع إلى الشهادة ، ورأى أنّ مخالفة هذه الجماعة تميت فيهم روح الحماسة والشجاعة ، ولعلّه يستتبع ردّ فعل سيّء ، فخرج معهم ، وأخبرهم أنّ النصر لهم ما صبروا.
الثالثة / في غزوة الأحزاب ( الخندق ) ، لمّا وقف رسول الله على أنّ قريشاً قد وصلوا مع حلفائهم إلى مشارف المدينة ، أمر بحفر الخندق ، وأشار به سلمان الفارسيّ وكان أوّل مشهد شهده مع رسول الله ، وهو يومئذ حرّ (٢).
وقال الواقدي : وشاور رسول الله أصحابه في أمرهم بالجدّ والجهاد ووعدهم
__________________
(١) المغازي للواقديّ ١ : ٢١٠ ـ ٢١٤ وقد أخذنا موضع الحاجة منه.
(٢) تاريخ الكامل لابن الاثير ٢ : ١٢٢.