الخبر له عليه فأصابوا راوية لقريش فيها غلامان لقريش فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله قائم يصّلي فقالا : نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلمّا بالغوا في ضربهما قالا : نحن لأبي سفيان فتركوهما ، وركع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسجد سجدتيه وقال : « والله إنّهُما لقُريش ، أخبراني عن قُريش » ؟ قالا : هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كم القُومُ » ؟ قالا : كثير ، قال : « ما عدّتُهُم » ؟ قالا : لا ندري ، قال : « كم ينحرُون كُلّ يوم » ؟ قالا : يوما تسعاً ، ويوما عشراً ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « القومُ فيما بين التسع مئة ، والألف ».
ثمّ قال لهما : « فمن فيهم من أشراف قُريش » ؟ قالا : عتبة بن ربيعة وشيبة بي ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد ، والحارث بن عامر بن نوفل و ... فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الناس فقال : « هذه مكّةُ قد ألقت إليكُم أفلاذ كبدها » (١).
٣. كان بسبس بن عمرو ، وعدي بن أبي الزغباء ( الذين اُرسلا من جانب النبيّ للتجسّس على قريش ) قد مضيا حتّى نزلا بدراً فأناخا إلى تل قريب من الماء ثمّ أخذا شناً لهما يستقيان فيه ، ومجديّ بن عمرو الجهنيّ على الماء فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري القوم النازلين على الماء وهما يتلازمان ويتعاركان على الماء والملزومة تقول لصاحبتها إنّما تأتي العير غداً أو بعد غد ، فاعمل لهم ثمّ اقضيك الذي لك ، قال مجدي : صدقت ثمّ خلص بينهما وسمع ذلك عدي وبسبس فجلسا على بعيريهما ثمّ انطلقا حتّى أتيا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاخبراه بما سمعا (٢).
هكذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستطلع أخبار القوم ويتجسّس عليهم ويبطل مؤامراتهم في اللحظة المناسبة.
وقد أخمد مؤامرة بني سليم وقبيلة قطوان بما حصل عليه من معلومات ساعدته على مباغتتهم وإفشالهم.
__________________
(١ و ٢) سيرة ابن هشام ١ : ٦١٦ ، ٦١٧.