في الإسلام.
ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن هدف الإسلام من الجهاد والقتال والنشاط العسكريّ هو قوله تعالى : ( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ( النساء : ٧٥ ).
ولقد اهتمّ الإسلام بالجنود غاية الاهتمام ، وأعطاهم غاية العناية لمالهم من الدور الحسّاس والخطير في الدولة الإسلاميّة.
فها هو الإمام عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام يوصي الأشتر النخعيّ واليه على مصر بالجنود ويقول في حقّهم ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً : « فالجنود بإذن الله حصون الرّعيّة وزين الولاة ، وعزّ الدّين وسبل الأمن وليس تقوم الرّعيّة إلاّ بهم ثمّ لا قوام للجنود إلاّ بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوّهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم ..
وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته ، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدوّ فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك ... وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور موّدة الرّعية » (١).
كما أعطى الإمام عليّ تعليماته في النشاط العسكريّ فقال : « فقدّموا الدّارع ، وأخّروا الحاسر وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام ، والتووا في أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة وغضّوا للأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم ... الخ » (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة : قسم الرسائل : رقم ٥٣.
(٢) نهج البلاغة : قسم الخطب : رقم ١٢ طبعة عبده.