وقال : « تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك ، تدفي الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند الله سبحانه » (١).
وقال : « فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال ، أو أثناء الأنهار ، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً ، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم ، وإيّاكم والتفرّق ، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً ، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً ، ولا تذوقوا النّوم إلاّ غراراً أو مضمضةً » (٢).
إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند ، ويتكفّل إدارة اُمورهم ، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة ، وتزداد متطلّبات الجنود.
إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة ... فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة ، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم.
وقال عليهالسلام لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام : « اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه ، ولا تقاتلنّ إلاّ من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس ، ورفّه في السير ، ولا تسر أوّل الليل فإنّ الله جعله سكناً ، وقدّره مقاماً لا ظعناً ، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك ، فإذا وقفت حين ينبطح السحر ، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله ، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري ، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم » (٣).
__________________
(١) نهج البلاغة : قسم الخطب : رقم ١٠.
(٢ و ٣) نهج البلاغة : قسم الكتب : رقم ١١ ، ١٢.