ثمّ إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض حرب واكتساب الغنائم.
هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلاميّ أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب ، وتقسيمها بالنحو الذي يحب بعد أن يستخرج منها الخمس ، ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب وإلاّ كان سارقاً مغلاًّ.
فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ من شؤون النبيّ في هذه الاُمّة فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد. فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب.
هذا مضافا إلى أنّه لا يمكن أن يقال : إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهليّة عن طريق النهب كيف وقد نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن النهب والنهبة بشدّة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من انتهب نُهبةً فليس منّا » (١).
وقال : « إنّ النُهبة لا تحلّ » (٢).
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت : بايعنا النبيّ أن لا ننتهب (٣).
وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبى عن رجل من الأنصار قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأصاب الناس حاجة شديدة وجهدوا وأصابوا غنماً فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متّكئاً على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثمّ جعل يرمل اللحم بالتراب ثمّ قال : « إنّ النُهبة ليست بأحلّ من الميتة » (٤).
وعن عبد الله بن زيد : ( نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن النهبى والمثلة ) (٥).
__________________
(١ و ٢) سنن ابن ماجه : ١٢٩٨ ـ ١٢٩٩.
(٣) صحيح البخاريّ ٢ : ٤٨ باب النهبى بغير إذن صاحبه.
(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٢.
(٥) رواه البخاريّ في الصيد راجع التاج ٤ : ٣٣٤.