٢. إنّ التأريخ يشهد ، بأنّ الامبراطوريتين كانتا تلفظا أنفاسهما الأخيرة ، وكانتا قد بلغتا درجةً كبيرةً من الضعف ، فساعد الإسلام على سقوطها واندحارها.
ويشهد على ذلك ، أنّ الشعوب التي كانت تعيش تحت حكميهما كانت تسارع إلى استقبال الفتح الإسلامي وترحّب بحكم المسلمين ونظامهم ، فتفتح أبواب المدن لعساكر الإسلام وتبدي رغبتها الشديدة في العيش تحت لواء الحكومة الإسلامية.
روى البلاذريّ : ( لمّا ردّ المسلمون على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج ، وقالوا : قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم ، فأنتم على أمركم ، قال أهل حمص لهم :
لولايتكم وعدلكم أحبّ إلينا ممّا كنّا فيه من الظلم والغشم ، ولندفعنّ جند هرقل عن المدينة مع عاملكم. و ...
ونهض اليهود وقالوا : والتوراة ، لايدخل عامل هرقل مدينة حمص إلاّ أن نغلب ونجهد. فأغلقوا الأبواب وحرسوها ، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود.
وقالوا : إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنّا عليه وإلاّ فإنّا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد فلمّا هزم الله الكفرة وأظهر المسلمين فتحوا مدنهم وأخرجوا المقلسين فلعبوا وأدّوا الخراج ) (١).
٣. إنّ المراجع للتأريخ الإسلاميّ يجد أنّ أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام كان له السهم الأوفر في القيادة ، وتحقيق الانتصارات التي أصابها المسلمون بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويدلّ على تلك المساهمة الفعلية ، ما قاله عليّ عليهالسلام عندما شاوره عمر بن الخطاب في الخروج بنفسه إلى غزو الروم : « إنّك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك ، فتلقهم فتنكب ، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم. ليس بعدك مرجع يرجعون إليه ، فابعث إليهم رجلاً محرباً ، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة ، فإن أظهر الله فذاك ما تحب ، وإن
__________________
(١) فتوح البلدان للبلاذريّ : ١٤٣.