تكن الاخرى كنت ردءاً للناس ومثابةً للمسلمين » (١).
وبالرغم من أنّه عليهالسلام قد اقصي عن الخلافة ، ولم يكن يخطر بباله أنّ العرب تزعج هذا الأمر ـ من بعد النبيّ ـ عن أهله ، فإّنه لم يمسك يده عن نصرة المسلمين ، عندما لاحظ رجوع الناس عن الإسلام يريدون محق دين محمد ، والعودة إلى الجاهلية وفي ذلك يكتب إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لمّا ولاّه إمارتها ويقول : « حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً ، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان ، كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق ، واطمأنّ الدين وتنهنه » (٢).
٤. إنّ الفرق الكبير بين قيادتهم وقيادة من كان يجب أن يسلّم الأمر إليه إنّا يعلم ، لو باشرت تلك الطائفة الاخرى أمر القيادة ، فعند ذلك نعلم مدى صحة قيادة الطائفة الاولى.
وبما أنّ الأمر لم يسلّم إلى من كان يجب تسليم الأمر إليه. صارت قيادتهم عندنا قيادةً عاريةً عن الضعف والنقص.
والذي يدل على ذلك. أنّ القيادة بعد النبيّ جرّت على المسلمين أكبر المآسي والويلات ، خصوصاً عندما أخذت بنو اميّة وبنو العباس زمام الأمر ، وعادت الخلافة الإسلاميّة ملكاً عضوضاً وحكماً قيصرياً كسروياً.
وللبحث عن أحوال الصحابة ومواقفهم في القرآن الكريم ، مجال آخر ربّما نتوفّق للبحث عنها في وقت آخر. ولا نريد بهذه الكلمة تعكير الصفو ، أو تمزيق الوحدة ، وإنّما نريد أن نوقف القارئ الكريم على الحقيقة على وجه الإجمال.
وخلاصة القول ، أنّ الصحابة ليس كلّهم عدولاً يقتدى بهم ويستضاء بنورهم ،
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٣٠ ( طبعة عبده ).
(٢) نهج البلاغة : قسم الكتب الرقم (٦٢).