ومن صار إليه لا يحسن مكالمته ؛ لأنّه يكون معوّلا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه ، انتهى.
ثمّ أخذ في الاستدلال ـ ثانيا ـ على جواز العمل بهذه الأخبار : بأنّا وجدنا أصحابنا مختلفين في المسائل الكثيرة في جميع أبواب الفقه ، وكلّ منهم يستدلّ ببعض هذه الأخبار ، ولم يعهد من أحد منهم تفسيق صاحبه وقطع المودّة عنه ، فدلّ ذلك على جوازه عندهم.
ثمّ استدلّ ـ ثالثا ـ على ذلك : بأنّ الطائفة وضعت الكتب لتمييز الرجال الناقلين لهذه الأخبار وبيان أحوالهم من حيث العدالة والفسق ، والموافقة في المذهب والمخالفة ، وبيان من يعتمد على حديثه ومن لا يعتمد ، واستثنوا الرجال من جملة ما رووه في التصانيف ، وهذه عادتهم من قديم الوقت إلى حديثه ، فلو لا جواز العمل برواية من سلم عن الطعن لم يكن فائدة لذلك كلّه (١) ، انتهى المقصود من كلامه ، زاد الله في علوّ مقامه.
وقد أتى في الاستدلال على هذا المطلب بما لا مزيد عليه ، حتّى أنّه أشار في جملة (٢) كلامه إلى دليل الانسداد ، وأنّه لو اقتصر على الأدلّة العلميّة وعمل بأصل البراءة في غيرها ، لزم ما علم ضرورة من الشرع خلافه ، فشكر الله سعيه.
ثمّ إنّ من العجب أن غير واحد من المتأخّرين (٣) تبعوا صاحب
__________________
(١) العدّة ١ : ١٢٩ ـ ١٤٢.
(٢) في (ص) و (م) زيادة : «من».
(٣) سيأتي ذكرهم في الصفحة ٣٢١.