نعم ، الاحتياط مع التمكّن من العلم التفصيليّ في العبادات ممّا انعقد الإجماع ظاهرا على عدم جوازه ، كما أشرنا إليه في أوّل الرسالة في مسألة اعتبار العلم الإجماليّ وأنّه كالتفصيليّ من جميع الجهات أم لا ، فراجع (١).
وممّا ذكرنا ظهر : أنّ القائل بانسداد باب العلم وانحصار المناص في مطلق الظنّ ليس له أن يتأمّل في صحّة عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد إذا أخذ بالاحتياط ؛ لأنّه لم يبطل عند انسداد باب العلم إلاّ وجوب الاحتياط لا جوازه أو رجحانه ، فالأخذ بالظنّ (٢) وترك الاحتياط عنده من باب الترخيص ودفع (٣) العسر والحرج ، لا من باب العزيمة.
وثالثا : سلّمنا تقديم الامتثال التفصيلي ولو كان ظنّيا على الإجماليّ ولو كان علميّا ، لكنّ الجمع ممكن بين تحصيل الظنّ في المسألة ومعرفة الوجه ظنّا والقصد إليه على وجه الاعتقاد الظنّي ، والعمل على الاحتياط.
مثلا : إذا حصل الظنّ بوجوب القصر في ذهاب أربعة فراسخ ، فيأتي بالقصر بالنيّة الظنّيّة الوجوبيّة ، ويأتي بالإتمام بقصد القربة احتياطا أو بقصد الندب (٤). وكذلك إذا حصل الظنّ بعدم وجوب السورة في
__________________
(١) راجع الصفحة ٧١ ـ ٧٢.
(٢) في (ظ) ، (ل) ، (م) و (ه) زيادة : «عنده».
(٣) في (ر) ، (ص) و (م) : «رفع».
(٤) لم ترد عبارة «أو بقصد الندب» في (ت) ، (ر) و (ه). وشطب عليها في (ص).