والإعراض عن التكاليف الإلهيّة الواقعيّة.
فظهر ممّا ذكرنا : اندفاع ما يقال : من أنّ منع نصب الطريق لا يجامع القول ببقاء الأحكام الواقعيّة ؛ إذ بقاء التكليف من دون نصب طريق إليها ظاهر البطلان.
توضيح الاندفاع : أنّ التكليف إنّما يقبح مع عدم ثبوت الطريق رأسا ولو بحكم العقل الحاكم بالعمل بالظنّ مع عدم الطريق الخاصّ ، أو مع ثبوته وعدم رضا الشارع بسلوكه ، وإلاّ فلا يقبح التكليف مع عدم الطريق الخاصّ وحكم العقل بمطلق الظنّ ورضا الشارع به ؛ ولذا اعترف هذا المستدلّ : بأنّ الشارع لم ينصب طريقا خاصّا يرجع إليه عند انسداد باب العلم في تعيين الطرق (١) الشرعيّة مع بقاء التكليف بها.
وربما يستشهد للعلم الاجماليّ بنصب الطريق : بأنّ المعلوم من سيرة العلماء في استنباطهم هو اتّفاقهم على طريق خاصّ وإن اختلفوا في تعيينه.
وهو ممنوع :
أوّلا : بأنّ جماعة من أصحابنا ـ كالسيّد (٢) رحمهالله وبعض من تقدّم عليه وتأخّر (٣) عنه ـ منعوا نصب الطريق الخاصّ رأسا ، بل أحاله بعضهم (٤).
__________________
(١) في (ت) و (ه) زيادة : «الخاصّة».
(٢) راجع الصفحة ٢٤٠.
(٣) تقدّم ذكرهم في الصفحة ٢٤٠ أيضا.
(٤) وهو ابن قبة ، راجع الصفحة ١٠٥.