فقال بعضهم (١) في توضيح (٢) لزوم الأخذ بمظنون الاعتبار ـ بعد الاعتراف بأنّه ليس المقصود هنا إثبات حجّيّة الظنون المظنونة الاعتبار بالأمارات الظنّيّة القائمة عليها ، ليكون الاتّكال في حجّيّتها على مجرّد الظنّ ـ :
إنّ الدليل العقلي المثبت لحجّيّتها هو الدليل العقليّ المذكور ، والحاصل من تلك الأمارات الظنّيّة هو ترجيح بعض الظنون على البعض ، فيمنع ذلك من إرجاع القضيّة المهملة إلى الكلّيّة ، بل يقتصر في مفاد القضيّة المهملة على تلك الجملة ، فالظنّ المفروض إنّما يبعث على صرف مفاد الدليل المذكور إلى ذلك وعدم صرفه إلى سائر الظنون ؛ نظرا إلى حصول القوّة بالنسبة إليها ؛ لانضمام الظنّ بحجّيتها إلى الظنّ بالواقع.
فإذا قطع العقل بحجّية الظنّ بالقضيّة المهملة ، ثمّ وجد الحجّية متساوية بالنظر إلى الجميع ، حكم بحجّيّة الكلّ ، وأمّا إذا وجدها مختلفة وكان جملة منها أقرب إلى الحجّيّة من الباقي ـ نظرا إلى الظنّ بحجّيّتها دون الباقي ـ ، فلا محالة يقدّم المظنون على المشكوك ، والمشكوك على الموهوم في مقام الحيرة والجهالة ، فليس الظنّ مثبتا لحجّيّة ذلك الظنّ ، وإنّما هو قاض بتقديم جانب الحجّيّة في تلك الظنون ، فينصرف إليه ما قضى به الدليل المذكور.
ثمّ اعترض على نفسه : بأنّ صرف الدليل إليها إن كان على وجه
__________________
(١) هو الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين.
(٢) في (ت) ونسخة بدل (ه) : «توجيه».