اليقين تمّ ما ذكر ، وإلاّ كان اتّكالا على الظنّ.
والحاصل : أنّه لا قطع لصرف الدليل إلى تلك الظنون.
ثمّ أجاب : بأنّ الاتّكال ليس على الظنّ الحاصل بحجّيّتها ، ولا على الظنّ بترجيح تلك الظنون على غيرها ، بل التعويل على القطع بالترجيح.
وتوضيحه : أنّ قضيّة دليل الانسداد حجّيّة الظنّ على سبيل الإهمال ، فيدور الأمر بين القول بحجّيّة الجميع والبعض ، ثمّ الأمر في البعض يدور بين المظنون وغيره ، وقضيّة العقل في الدوران بين الكلّ والبعض هو الاقتصار على البعض ؛ أخذا بالمتيقّن ؛ ولذا قال علماء الميزان : إنّ المهملة في قوّة الجزئيّة.
ولو لم يتعيّن البعض في المقام ودارت الحجّيّة بينه وبين سائر الأبعاض من غير تفاوت في نظر العقل ، لزم الحكم بحجّيّة الكلّ ؛ لبطلان الترجيح من غير مرجّح.
وأمّا لو كانت حجّيّة البعض ـ ممّا فيه الكفاية ـ مظنونة بخصوصه بخلاف الباقي ، كان ذلك أقرب إلى الحجّيّة من غيره ممّا لم يقم على حجّيّته دليل ، فيتعيّن عند العقل الأخذ به دون غيره ؛ فإنّ الرجحان حينئذ قطعيّ وجدانيّ ، والترجيح من جهته ليس ترجيحا بمرجّح ظنّي وإن كان ظنّا بحجّيّة تلك الظنون ؛ فإنّ كون المرجّح ظنّا لا يقتضي كون الترجيح ظنّيّا ، وهو ظاهر (١) ، انتهى كلامه رفع مقامه.
مناقشة فيما أفادة الهداية |
أقول : قد عرفت سابقا (٢) : أنّ مقدّمات دليل الانسداد ، إمّا أن
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.
(٢) راجع الصفحة ٤٦٥ ـ ٤٦٦.