خالف العامّة ففيه الرشاد» (١) ؛ فإنّه هذه القضيّة قضيّة غالبيّة لا دائميّة ، فيدلّ على أنّه يكفي في الترجيح الظنّ بكون الرشد في مضمون أحد الخبرين.
ويدلّ على هذا التعليل أيضا : ما ورد في صورة عدم وجدان المفتي بالحقّ في بلد ، من قوله : «ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ؛ فإنّ الحقّ فيه» (٢).
وأصرح من الكلّ في التعليل بالوجه المذكور : مرفوعة أبي إسحاق الأرجائيّ إلى أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قال عليهالسلام : «أتدري لم امرتم بالأخذ بخلاف ما يقوله العامّة؟ فقلت : لا أدري ، فقال : إنّ عليّا عليهالسلام لم يكن يدين الله بدين إلاّ خالف عليه الامّة إلى غيره ؛ إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليهالسلام عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدّا من عند أنفسهم ليلبسوا على الناس» (٣).
ويصدّق هذا الخبر سيرة أهل الباطل مع الأئمّة عليهمالسلام على هذا النحو تبعا لسلفهم ، حتّى أنّ أبا حنيفة حكي عنه أنّه قال : خالفت جعفرا في كلّ ما يقول أو يفعل ، لكنّي لا أدري هل يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما (٤).
__________________
(١) من مقبولة ابن حنظلة المتقدّمة في الصفحة ٦١١ ، الهامش (٨).
(٢) الوسائل ١٨ : ٨٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٣.
(٣) الوسائل ١٨ : ٨٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٤.
(٤) حكاه المحدّث الجزائري في زهر الربيع : ٥٢٢.