قال : كنت في مجلس أبي إسحاق وهو يصفي عنبرا قد أذابه ، وأخرج منه ما فيه من الحشيش ، فسألني ، فقلت له : إن الدواب ثروته ـ يعني دواب البحر ـ فتأكل الطير منه ، فضحك أبو إسحاق وقال : هذا كلام تقوله العامة ، ما خلق الله تعالى دابة تروث العنبر إنما شيء يكون في قاع البحر.
وفي بحر سرانديب :
طرق / كثيرة بين جبال وهي مسالك لمن أراد بلاد الصين ، وفي جبال هذا البحر معادن الذهب ومغائص اللؤلؤ ، وأبقر وحشية ، ويسلك من هذا البحر إلى بلد المهراج وربما أطلت السحاب بهذا البحر شهرا لا ينقطع منه المطر ، ويخرج منه إلى بحر الصنف.
وفيه شجر العود ، وليس لهذا البحر حد يعرف ورأسه يخرج من قرب الظلمة الشمالية ويمر أيضا على بلد الواق.
وفيه ملك الجزائر ويدعى بالمهراج ، وله من الجزائر والأعمال ما لا تحصى عجائبه ، ولهذا الملك من جميع الآفاق الطيبة كالكافور ، والقرنفل ، والصندل ، والجوزة ، والبساسة ، والقاقل ، والعود ، على شيء كثير ليس لملك مثله من الطيب.
ويقال إن فيه قصرا أبيض يمشي على الماء ، ويتراءى لأصحاب المراكب فيتباشرون به ، وهو دليل السلامة والفائدة.
وفيه جزيرة فيها جبال مسكونة يسمع منها الطبول والفرقع والأصوات المنكرة لأهلها وجوه كالمجان المطرقة ، مخرمو الآذان ، يقال إن أعور الدجال فيها. وفيها يباع القرنفل ، يشتريه التجار من قوم لا يرونهم.
وفيه المدينة البراقة :
مدينة عظيمة لطيفة من حجر أبيض برّاق يسمع منها صياح ولا يرى بها ساكن ، وربما نزل البحريون وأخذوا من مائها فيوجد حلوا زلالا أبيض فيه روائح الكافور.
وفيه جزيرة بها مساكن وقباب بيض تلوح للناس فيطمعون فيها فيأخذون في التوجه إليها ، وكلما قربوا منها تباعدت عنهم فيرجعون عنها.
ويتصل بهذا البحر الواق الداخل ، وقال البحريون أنهم لا يعرفون منتهاه غير أن أقصاه جبال تتوقد نارا ليلا ونهارا ويسمع منها مثل قواصف الرعود ومن شدة وهجها يصير لها ذلك الصوت.
وهذا البحر لا يدرك عمقه ، وربما يسمع لتلك النار صوتا يدل على ملك من ملوكهم. ومن وراء هذا البحر :