ثم أن كسرى أخذ ما معه ، وأجزل عطاءه وفوق ما أمل ، ثم انصرف راجعا. فلما وصل إلى أبي سفيان وأخبرهم الخبر ، قال القوم : هذه ثمرة العقل ، وحسن الأدب.
نادرة لمجذوب :
ومما حكاه العتبي عن عبد الرحمن قال : كان رجل في زمان المهدي مجذوبا وكان لا يسمع منه إلا فضلا وعلما ، وكان يركب في كل جمعة قصبة في الاثنين والخميس ، فإذا ركب في هذين اليومين فليس لوالد على ولده حكم ، ولا لمعلم على صبي حكم ولا طاعة.
فخرج يوما وحوله من الرجال والنساء والصبيان ما لا حد لكثرته فصعد تلا عاليا ، ونادى بأعلى صوته : ما فعل النبيون والمرسلون أليسوا في أعلى عليين؟
فقالت الناس : بلى ، وصدقت.
فقال : أئتوني بأبي بكر ، فقدموا غلاما فأجلسه بين يديه ، ثم قال : جزاك الله خيرا يا أبا بكر عن الرعية ، فقد عدلت فيما حكمت ، وخلفت محمدا في أمته أحسن خلف ووصلت جل الدين وقاتلت المرتدين اذهبوا به إلى عليين.
ثم نادى : أين عمر بن الخطاب؟
فأجلسوا بين يديه غلام آخر.
فقال : جزاك الله خيرا يا أبا حفص خيرا عن الإسلام ، فقد فتحت البلاد ، ووسعت العطاء ، وبسطت العدل وقمعت الكفر ، وقسمت الفيء ، وسلكت مسلك الصالحين ، وآثرت الآخرة على الدنيا ، اذهبوا به لأعلى عليين لحدود صاحبه الصديق.
ثم قال : هاتوا عثمان بن عفان.
فأجلسوا له صبيا آخر بين يديه.
/ فقال له : أخلصت في ولايتك ولكن الله يقول : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ١٠٢] للترجي مرجية ، اذهبوا به إلى صاحبيه في أعلى عليين.
ثم قال : هاتوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام (١).
فأجلسوا غلاما بين يديه.
__________________
(١) يلاحظ أنه هنا ذكر عبارة أمير المؤمنين كاملة ، ثم أعقب ذكر علي رضياللهعنه بعبارة عليهالسلام دون سائر الصحابة مما يؤكد شيعيته مع عدم تعصبه فيسرد الحكايات التعصب الممقوت فاللهم اغفر لنا وله آمين آمين آمين.