فأجلسه وأتاه بما كان عنده من فاضل غداه. فأكله ، ثم حادثه ، فوجد عنده من الفضل ما لا مزيد عليه. ثم باحثه ، فقال له : يا أخي ، أنا وأنت فقراء ، وأجرتي في كل يوم درهمين فتصرف فيهما فهما يكفيان لنا من / القناعة ، ودم عندي ففعل.
وأما الملك فإنه لما نفاه اختل ملكه ، ولم يعرف أحد القيام في تدبير الملك مثله فندم عليه ، فأرسل خلفه عدة من مماليكه في طلبه.
فخرج يوما يشتري الغداء ، فوجد أحد مماليكه ، فنزل وقبل أقدامه ، وأعطاه مرسوم الملك فقرأه وركب لوقته وسار.
وفيما هو خارج البلد رأى رجلا ممن كان يعاشرهم ، فناداه وسلم عليه و [قال](١) له : سلم على صاحبي الوقاد ، وقل له (٢) : إلحق صاحبك للبلد الفلاني فهو وزير ملكه.
وسار فجاء الرجل ، وأخبر الوقاد ، فلم يطق بعده صبرا فسافر خلفه.
فلما دخل المدينة سأل عن دار الوزير فدلّ عليها.
فلما وقف بالباب إذا ملك عظيم ولا يصل أحد للوزير.
فرأى الناس يكتبوا قصصا ، ويأخذوها البردادية ، فكتب قصة.
القصة
وقع بيمناك واذكر منزلا شعثا |
|
كنا فيه (٣) قبل اليوم نجتمع |
وقد قطعت قفارا لا أنيس بها |
|
وسرت من وطني أرجو بك الطمع |
فحين (٤) وصلت منعت الاجتماع وما |
|
كافأتنا (٥) حين صار الملك متسع |
وكان الوزير لما أجلسه الوقاد عنده كتب على إبريقه :
الذي كتبه الوزير
أهل موت يباع فاشتريه؟ |
|
فهذا العيش ما لا خير فيه |
إذا أبصرت قبرا من بعيد |
|
وددت لو أنني نزلت فيه |
ثم أنه دفع القصة للبرداد مع جملة القصص. فطلب الوقاد فلم يجدوه.
فلما كان اليوم الثاني جاء الوقاد ، فقال له البرداد : طلبك الوزير ، فأين ذهبت؟
__________________
(١) في المخطوط : وقلة ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : وفله ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : كأنه ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : فمن ، وهو تحريف.
(٥) في المخطوط : كافيتنا ، وهو تحريف.