فقال : ما جاء بكم؟
قالوا : نحتكم إليك في شيء وخبأنا لك شيئا فأخبرنا.
قال : خبأتم رأس جرادة في جلد مزادة في عنق سوار ذي القلادة.
قالوا : أصبت ، فأخبرنا بما اختصمنا به إليك؟
قال : أحلف بالنور والظلم ، والبيت والحرم إن الدفين ذو الهرم لهذا جدّ / النبي ذو الكرم فقضى لعبد المطلب.
ومن أخباره :
أن كسرى أنو وير رأى في منامه أنه قد سقط من قصره ستة عشر شرافة ، فارتاع لذلك فوجه إلى المؤبّد يعرفه بما رأى.
فقال : أرجو أن يكون خيرا ، ولقد رأيت ما يشبه هذا من خمود النيران ، وقلع بيوتها في أشياء ذكرها ، قال : فما الرأي؟
قال : بلغني أن في بلاد العرب كاهن يقال له سطيح يخبرنا بالشيء قبل كونه ، فإن رأى الملك أن يرسل إليه ، وكان بباب كسرى رجل يقال له عبد المسيح ، وهو من رهط سطيح وكان ذا عقل وحزم.
فقال كسرى : عليّ بعبد المسيح ، فلما حضر أرسله إلى سطيح ، وقال : ستخبره عن الرؤيا والتأويل ، وارجع سريعا ، فركب عبد المسيح راحلته وجدّ في السير حتى أناخ مطيته على باب سطيح ، وقال ليسمعه أصم أو يسمع عطريف اليمن ، يا فاضل الخطة أعيت من ومن ، فسمعه من داخل منزله فأجابه عبد المسيح على حال مشيخ يسأل عن خمود النيران ، ورؤيا المؤبّدان ، وسقوط الإيوان لأخبره عن البرهان :
أما عدد الشرفات فيلي مثلها ملوك وملكات ، ولخمود النيران ينقضي ملكهم على طول الزمان وذلك عند ظهور صاحب التلاوة والقضيب ، والهراوة ، فتنقضي آثارهم ، وتملك العرب ديارهم ، وهناك ينقضي أمر سطيح ، ويوارى جسده الضريح ، فلا تكون الدنيا له بدار ، ولا يقر له فيها قرار.
فوعى كلامه وعرفه ، وأخذ راحلته فأسرع رجعته ، فعرف كسرى الخبر فتعجب من أمره المعتبر.
فقال : المدة طويلة وفي الأمر سعة لدفع الهم ، ولعل ذلك لا يكون.
وانقضى ملكهم في خلافة عمر ، وقيل إن سطيح عاش أربعمائة سنة.
وأما شق :
فهو ابن خويل بن أرم بن سام ، وهو أول كاهن كان بالعرب العاربة.