يحصل الظنّ بالتخصيص فيحكم بأصل الحقيقة.
وبالجملة ، الذي يضرّ بأصل الحقيقة هو ظنّ التخصيص ، ولا يجب في إعمال أصل الحقيقة الظنّ بعدم المخصّص ، بل عدم الظنّ به كاف. هذا مع انّا لو فرضنا التفحّص من الخارج وثبت تخصيص ما له من وجه آخر ، فلا وجه للتوقّف بعد ذلك كما أشرنا في القانون السّابق (١). وكذلك لو حصل الظنّ بالعدم من الخارج ، وبقي الإشكال في كون اللّاحق في الكلام مخصّصا.
وبالجملة ، فرق بيّن بين توقيف العامّ عن العمل حتى يحصل الظنّ بعدم المخصّص الواقعي ، وبين توقيفه عن العمل حتّى يحصل الظنّ بعدم كون ما يحتمل كونه مخصّصا من اللّواحق في الكلام أو غيرها مخصّصا له ، والكلام إنّما هو في الثاني.
إذا تمهّد هذا ، فنقول في توضيح جميع المقامات المذكورة فيما نحن فيه :
إنّه إذا ابتداء في الكلام بذكر العامّ ، مثل لفظ المطلّقات ، فنقول : أنّ ظاهرها العموم.
وإذا قيل : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ.)(٢)
فنقول : إنّ المراد منها الغير المدخولات وغير اليائسات على الأقوى (٣) ، فبقي العامّ ظاهرا في الباقي ، إذ مرادنا من أصل العموم أعمّ من الحقيقة الأوّلية أو الظهور الحاصل في الباقي.
وإن قلنا بمجازيّته في الباقي أيضا ، فحينئذ المطلّقات أيضا ظاهرة في ذوات الأقراء مطلقا.
__________________
(١) في قانون عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص حيث قال : فإذا ظهر وجود مخصّص ما فلا دليل على وجوب الفحص إن أريد من ذلك لا ظنا ولا قطعا.
(٢) البقرة : ٢٢٨.
(٣) يظهر أن قيد الأقوى هو لقوله : اليائسات خاصة لا لما قبله ، هذا كما في الحاشية.