عن أكثر الشافعيّة (١) على ما نقل عنهم ، فحملوا اليد في آية التيمم على اليد في آية الوضوء فقيّدوها بالانتهاء الى المرفق لاتّحاد الموجب وهو الحدث ، وهو باطل لأنّه يرجع الى إثبات العلّة والعمل بالقياس.
وفيه : منع القياس أوّلا ، ومنع العلّة ثانيا.
والمختار وهو مختار الأكثرين سواء كانا أمرين أو نهيين أو مختلفين ، وسواء كان موجبهما ، أي علّة الحكم متّحدا أو مختلفا لعدم المقتضى للجمع وإمكان العمل بكلّ منهما رأسا ، إلّا فيما كان أحدهما مستلزما لعدم الآخر ، مثل أن يقال : إن ظاهرت فاعتق رقبة ، و : لا تملك رقبة كافرة ، فإنّ العتق والملك وإن كانا مختلفين لكنّ العتق موقوف على الملك ، فالعتق يستلزم الملك (٢) بل عدم الملك أيضا يستلزم عدم العتق فحينئذ يقيّد المطلق بعدم الكفر فلا يجوز عتق الكافرة ، بل ولا يصحّ أيضا (٣).
وأمّا على الثاني : فإمّا أن يتّحد موجبهما أو يختلف ، أمّا الأوّل فإمّا أن يكون الحكمان مثبتين أو منفيّين أو مختلفين ، فهذه أقسام ثلاثة :
الأوّل : مثل أن يقول : إن ظاهرت فأعتق رقبة ، و : إن ظاهرت فأعتق رقبة
__________________
(١) وأنت خبير أنّهم لم يحملوا المطلق على المقيّد وليس بناؤهم على ذلك ، بل لأجل القياس والاستحسان.
(٢) أي قوله : فاعتق رقبة باطلاقه يدلّ على عتق أي رقبة ، والعتق يدلّ على الملكيّة فتملّك الكافرة ، فقوله هذا ينافي قوله : لا تملك رقبة الكافرة. فكذلك تلك الكافرة تدلّ على عدم عتقها ، فقوله هذا ينافي قوله : اعتق رقبة ، فكلّ واحد منهما يستلزم عدم الآخر فاللّازم حينئذ حمل المطلق على المقيّد.
(٣) قال في الحاشية : لمّا قالوا انّ العتق فيه جهة عبادة فيعتبر فيه قصد القربة ، فلا يمكن ذلك إذا كان المحل خبيثا كافرا.