بن بحر الرّهني من أعاظم علماء العامّة في بيان التفاوت في المصاحف التي بعث بها عثمان إلى أهل الأمصار قال : اتّخذ عثمان سبع نسخ ، فحبس منها بالمدينة مصحفا ، وأرسل إلى أهل مكّة مصحفا ، وإلى أهل الشام مصحفا ، وإلى أهل الكوفة مصحفا ، وإلى أهل البصرة مصحفا ، وإلى أهل اليمن مصحفا ، وإلى أهل البحرين مصحفا (١) ، ثمّ عدّد ما وقع فيها من الاختلاف بالكلمات والحروف ، مع أنّها كلّها بخطّ عثمان ، فكيف حال ما ليس بخطّه.
ثمّ ذكر السيّد الاختلاف في القرآن الواقع في أزمان القرّاء ، وذلك أنّ المصحف الذي دفع إليهم خال من الإعراب والنقط كما هو الآن موجود في المصاحف التي هي بخطّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وأولاده المعصومين عليهمالسلام وقد شاهدنا عدّة منها في خزانة الرّضا عليهالسلام(٢).
نعم ذكر جلال الدّين السيوطي في كتابه الموسوم ب «المطالع السعيدة» : أنّ أبا الأسود الدؤلي أعرب مصحفا واحدا في خلافة معاوية.
وبالجملة لمّا دفعت إليهم المصاحف على ذلك الحال تصرّفوا في إعرابها ونقطها وإدغامها وإمالتها ونحو ذلك من القوانين المختلفة بينهم على ما يوافق مذاهبهم في
__________________
(١) واعلم أنّ أبا عمر الدّاني أحد علماء القراءات المتوفى سنة ٤٤٤ وصاحب كتاب «التيسير في القراءات السبع» و «المقنع في رسم القرآن» و «المحكم في نقد المصاحف» قال في المقنع ، جعلها على أربع نسخ ، وقد قيل : انّه جعله سبع نسخ. وأما السيوطي فيرى أنّ المشهور أنّها خمسة كما في «الاتقان» ١ / ١٠٤ انتهى. وأقول : واذا أضفنا إليها المصحف الذي حبسه لنفسه في المدينة أصبحت ستة لأن المذكور ما بعثه.
(٢) وكذا أنّا شاهدته في العام ١٤٠٥ للهجرة في مشهد المقدّسة ، وذكر لي بالأمس القريب بأنّه لا زال موجودا.