شيخهم كان يقرأ كذا ، يعني أنّ الشيخ كان يختار هذه القراءة من جملة القراءات المتواترة ، فتخصيص الراويين بالنقل إنّما هو لأجل إسناد الاختيار والترجيح ، لا رواية أصل القراءة حتّى يستند في منع حصول التواتر بذلك ، وذلك لا ينافي مخالفتهم للمعصومين أيضا ، لأنّهم كانوا يختارون ما نقل عنهم.
وقد يؤيّد عدم تواتر السّبع أيضا باختلاف القرّاء في ترك البسملة ، فقد نقل متواتر عن قراءة كثير منهم ترك البسملة ، مع أنّ الأصحاب مجمعون على بطلان الصّلاة بتركها (١) ، فكيف يحكمون ببطلان المتواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وفيه تأمّل (٢).
وأمّا على ما بنينا عليه من كون ذلك تجويزا عن الأئمّة عليهمالسلام فيصحّ الجواب باستثناء ذلك كما ورد في الأخبار المستفيضة من كون البسملة جزء ، وانعقد إجماعهم عليه.
ثمّ إنّ الشهيد الثاني رحمهالله قال في «شرح الألفية» (٣) : واعلم أنّه ليس المراد أنّ كلّ ما ورد من هذه القراءات متواتر ، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإنّ بعض ما نقل عن السّبعة شاذّ ، فضلا عن غيرهم كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشأن ، والمعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات وإن ركب بعضها في بعض ، ما لم يترتّب بعضه على بعض آخر بحسب العربية فيجب مراعاته كقوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ.)(٤) فإنّه لا يجوز الرّفع فيهما ولا
__________________
(١) عمدا.
(٢) وجه التأمل أنّ مجرّد ترك البسملة من القرآن وجزء من السّورة على مذهب القرّاء ، إذ لعلّ ذلك الترك بسبب تجويزهم التبعيض في السّورة لأنّ البسملة ليست من القرآن رأسا ، هذا كما في الحاشية.
(٣) ص ١٣٧ «المقاصد العلية» للشهيد الثاني وهي «شرح الألفية» للشهيد الأوّل.
(٤) البقرة : ٣٧.