ذلك ، وأنكر كثير منهم ذلك حتّى لا يتوهّم أنّ المرخّص فيه في الصّدر الأوّل إنّما هو هذا القدر كما يشير إليه ما نقلناه عن «النهاية». ثمّ إنّ ما توافقت فيه القراءات فلا إشكال ، والمشهور في المختلفات التخيير لعدم المرجّح ، ويشكل الأمر فيما يختلف به الحكم في ظاهر اللّفظ مثل : يطهرن ويطهّرن ، فإن ثبت مرجّح كما ثبت للتخفيف هنا ، فيعمل عليه.
وممّا يؤيّد ما ذكرنا (١) وقوع الخلاف في هذه الآية ، وإلّا لتعيّن التخيير في العمل.
وقال العلّامة رحمهالله في «المنتهى» : وأحبّ القراءات إليّ (٢) ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش (٣) ، وطريق أبي عمرو بن العلاء ، فإنّها أولى من قراءة حمزة والكسائي لما فيها من الإدغام والإمالة وزيادة المدّ ، وذلك كلّه تكلّف ، ولو قرأ به ، صحّت صلاته بلا خلاف.
الثالث : لا عمل بالشواذّ لعدم ثبوت كونها قرآنا (٤).
__________________
(١) من الاشكال الواقع على المشهور من اختيارهم في المختلفات.
(٢) «منتهى المطلب» ١ / ٢٧٣ ونقله عنه المحقق البهبهاني في «فوائده» ص ٢٨٧ ويبدوا ان هذا الحب اشتهائي فرارا من الكلفة لا حب من جهة الدليل كما في الحاشية.
(٣) شعبة بن عياش بن سالم الكوفي الاسدي النهشلي ولاء (٩٥ ـ ١٩٣ ه)
(٤) لاشتراط التواتر في القرآن كما نقل وبهذا أيضا قال النووي في «شرح المهذب» : لا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة لأنّها ليست قرآنا ، لأنّ القرآن لا يثبت إلّا بالتواتر والقراءة الشاذة ليست متواترة ومن قال غيره فغالط او جاهل. وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قراء بالشاذ ونقل ابن عبد البر اجماع المسلمين على أنّه لا يجوز القراءة بالشواذ ولا يصلى خلف من يقرأ بها.