البعض دون البعض ، وأنّ العمل بالظنّ إنّما هو فيما إذا لم يمكن تحصيل القطع ، وهو مخالف لما هو المعهود من طريقتهم في الفقه من جواز العمل بالظنّ وإن أمكن تحصيل العلم في بعض الأحكام أيضا ، فإنّ المراد في هذا الاستدلال أنّ العمل بالظنّ في الكلّ إنّما هو لأجل أنّ تحصيل العلم فيما يمكن فيه من الصّور النادرة يوجب تفويت العمل بالأكثر والعسر والحرج ، لا انّه لا يجوز العمل بالظنّ إلّا فيما لا يمكن القطع.
وأمّا ما يمكن أن يوجّه للقول بلزوم تحصيل القطع بعدم المخصّص في العمل على العامّ ، فهو أنّ العمل بالظنّ مشروط بعدم إمكان تحصيل اليقين ، وهو ممكن ، لأنّ ما يعمّ البحث فيه (١) وكان ممّا يبتلى به عموما ، فالعادة تقتضي باطلاع الباحثين عليه وتنصيصهم على وجوده وعدمه.
وأمّا الذي ليس بهذه المثابة فالمجتهد بعد البحث يحصل له القطع بذلك ، إذ لو كان مخصّص لذكروه.
وفيه مع ما فيه من منع حصول القطع في المقامين (٢) ، إذ غاية الأمر عدم الوجدان وهو لا يدلّ على عدم الوجود. إنّ اشتراط العمل بالظنّ بعدم إمكان تحصيل اليقين لا دليل عليه ، إذ اليقين بحكم الله الواقعي لا يحصل بالقطع بعدم المخصّص ، إذ عدم المخصّص لو سلّم القطع به في نفس الأمر أيضا ، فكيف يحصل القطع بأنّ المراد من العامّ هو جميع الأفراد ، بل لعلّه كان في مقام الخطاب قرينة
__________________
(١) فيبحث فيه عموم الفقهاء لأنّه محل لابتلاء عموم المكلّفين ، فلا بد حينئذ ان يبحث عنه كل فقيه في عصره.
(٢) أي فيما يعمّ البحث فيه وفيما لا يعمّ البحث فيه كليهما.