الظاهر أنّ القائلين هم مشركو العرب ، بقرينة قوله : ( الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) مشيراً إلى أنّهم ليسوا من أهل الكتاب ، واستقربه الطبرسي في مجمعه (١).
وهذه الآية تدلّ على أنّهم طلبوا من النبي أمرين :
أ. لولا يكلّمهم الله سبحانه.
ب. لماذا لا تأتي الآية إليهم أنفسهم ؟
وكلا السؤالين ساقطان في منطق العقل ، بملاحظة الشرائط المصححة لطلب الإعجاز التي مرّت.
أمّا السؤال الأوّل : فإن كان مرادهم هلا يكلّمنا الله معاينة ، فهو محال ، لأنّه يستلزم جسمانيته سبحانه.
وإن كان مرادهم تكليمهم مخبراً بأنّ مدّعي النبوة نبي ، ولكن لا بالمعاينة ، بل بإحدى الطرق المألوفة من إسماعهم ، فهو وإن كان أمراً ممكناً لكنه لا يفيدهم الإذعان ، إذ من الممكن اتهام ذلك الإسماع بالسحر كما قالوا ذلك في غير هذا المورد.
وأوضح في البطلان لو كان مرادهم لولا يكلمنا الله مثلما كلّم موسى وغيره من الأنبياء ، فإنّ هذا يستلزم نزول الوحي عليهم ، وهو يتوقف على توفر شرائط معينة ، وهي غير موجودة إلاّ في أفراد قلائل.
ولا يقل عنه في البطلان لو كان مرادهم سماع الوحي النازل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ السماع متوقف ـ كذلك ـ على توفر الشرائط غير الموجودة في المشركين. وعلى فرض الإسماع لا يفيدهم الإذعان لإمكان اتّهامه بالسحر أيضاً.
وهذه الوجوه الأربعة محتملات لقولهم ( لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللهُ ) وهي كما ترى غير
__________________
(١) ج ١ / ١٩٥.