مستحقة للإجابة بل جديرة بالاعراض.
أضف إلى ذلك أنّ المحتمل الثالث ـ وهو تكليم الله إياهم كتكليمه سائر الأنبياء ـ يستلزم لغوية بعث الأنبياء الذي جرت عليه سنّة الله من لدن نزول آدم إلى الأرض.
وقد نقل هذا السؤال في مورد آخر ، حيث حكاه سبحانه بقوله : ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١). وكأنّ كل واحد من أفراد المشركين يتوقع أنّ تنزل عليه صحائف فيها تكاليفه ، وهي تؤيد أنّ مرادهم من تكليمه إيّاهم هو المحتمل الثالث. هذا كلّه حول السؤال الأوّل.
وأمّا السؤال الثاني : أعني قوله : ( أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ) فهو يشير إلى أنّهم طلبوا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ظهور المعاجز على أيديهم ، وهذا السؤال سخيف جداً ، إذ ظهور المعاجز على أيديهم يتوقف على توفر شرائط غير موجودة في المشركين ولا في غيرهم إلاّ في أفراد قلائل ، أعني : الأنبياء والمرسلين.
ويحتمل أن يكون المراد : أن يأتي النبي بآية موافقة لطلبهم. ويشير إليه قوله في ذيل الآية ( كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) (٢). حيث اقترح اليهود الآيات على موسى ، والنصارى على المسيح.
ولكن عدم إجابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لاقتراحهم ، لأنّه كان فيما أتى به من الحجج والمعاجز الباهرة كفاية لمن كان بصدد تحصيل اليقين ولمن ترك التعنّت والعناد.
وإلى هذا الجواب أشار سبحانه في ذيل الآية ( قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٣).
__________________
(١) المدثر : ٥٢.
(٢) و (٣) البقرة : ١١٨.