كل هذه الآيات تصرّح بوضوح بأنَّ مشيئته المتعلّقة بهداية الناس أو ضلالتهم إنّما تكون في ضوء ما يميل إليه العبد ، ويحصل العشق به في قرارة نفسه ، ولا يهدي الله سبحانه إلاّ من تعرّض لرحمته واستعد لهدايته ، قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ ) (١).
الآية الخامسة
قوله سبحانه : ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ لا إِلَٰهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ * وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ * وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) (٢).
وقد استدل بعض المعاندين بالآية الرابعة من هذه الآيات على أنَّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن مزوداً بأيّة معجزة قائلاً : بأنّه لو كان مزوّداً بها لما أجابهم القرآن بقوله : ( قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ ) بل يأمر نبيّه بالإتيان بها ويصرّح القرآن بها.
هذا اعتراض الكاتب ويعلم قيمته إذا قمنا بتفسير ما تهدف إليه هذه الآيات من المطالب فنقول :
__________________
(١) العنكبوت : ٦٩.
(٢) الأنعام : ١٠٦ ـ ١١١.