إنّه سبحانه قد أتى في مقام الرد على حلفهم بأنّهم ليؤمنن إذا جيئ بالآيات بأُمور خمسة ، وإليك شرحها :
١. ( قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ ) وهذه الجملة تهدف إلى أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلمليس مفوضاً إليه أمر الإعجاز فيقوم به في أيّ وقت شاء ، بل هو يتبع إرادته سبحانه وإذنه ، وقد جاء مفاد الجملة في غير موضع من القرآن قال سبحانه : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ ) (١).
ومعلوم أنّ إذنه سبحانه موقوف على توفر شرائط في خرق العادة والإتيان بالمعاجز أهمها وجود استعداد للهداية في المقترحين والطالبين. وسيوافيك فقدان هذا الشرط في المقام.
٢. ( وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ) وهذه الجملة تهدف إلى أنّه ما يدريكم أنّ الآية التي يقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بها ، وبما أنّ المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم فيتمنون مجيئ الآية ، فقال الله عزّ وجلّ رداً على تمنّيهم : بأنّهم ما يدريكم أنَّهم لا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أوَّل مرَّةٍ.
وما ذكره الكاتب من أنّ الإعجاز خرق للعادة والناس ينظرون إلى خارقها بنظر الإعجاز فيقتفون أثره عندما جاء فكيف يقول سبحانه : ( إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ) جهل منه بتاريخ الأمم ، أو تجاهل به ، لقد كانت دعوة الأنبياء في كل العصور مزوّدة بالآيات والبيّنات ، ومع ذلك لم يؤمن بهم إلاّ قليل من الناس.
وهذا صالح نبي ثمود إذ دعا قومه إلى ترك عبادة الأوثان والأصنام وأتى لهم بآية باهرة ، وقال لهم : ( وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ
__________________
(١) الرعد : ٣٨.