أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) (١). (٢) ومع ذلك لم تؤمن به جمهرة قومه.
وهذا موسى الكليم إذ دعا فرعون وملأه إلى عبادة الله سبحانه ، فلم يؤمن به إلاّ قليل من السحرة ، وبقي الباقون على كفرهم وعنادهم حتى أدركهم الغرق وهم كافرون.
وقد أتى السيد المسيح إلى بني إسرائيل بالبيّنات والآيات ، فلم يؤمن به إلاّ تلاميذه.
فعند ذلك يظهر بطلان قول الكاتب بأنّ خرق العادة لا ينفك عن إيمان من رآه وسمعه.
٣. ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (٣).
الآية تفيد بأنّه كان للمشركين مع النبي موقفان ، موقف في بدء الدعوة ، وموقف بعدها وبعد الاقتراح ، فالآية تخبر النبي بأنّ موقفهم بعد الاقتراح حتى ولو رأوا الآيات هو موقفهم الأوّل ، وإليه يشير قوله : ( كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ).
وأمّا المراد من قوله : ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ ) فهو بمنزلة التعليل لتساوي الموقفين ، فانّ الله تعالى قد قلب أفئدتهم وأبصارهم فلا يدركون الحقيقة ولا يرون الحق ، وقد فعل ذلك سبحانه لهم لا خصومة معهم ، بل هذا التقليب نتيجة عملهم وأثر أفعالهم ومواقفهم كما سيوافيك شرحه فيما بعد.
__________________
(١) هود : ٦٤ ـ ٦٥.
(٢) وقريب منه ما ورد في سورة الأعراف لاحظ الآيات : ٧٥ ـ ٧٨.
(٣) الأنعام : ١١٠.