ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفاً ) (١).
استدل بعض الكتاب بهذه الآية بنفس ما تقدم في نظائرها.
والمراد بالآيات هو المقترحات الستة الواردة في تلك السورة في الآيات ٩٠ إلى ٩٣ ، وسوف يوافيك البحث عن تلكم الآيات المقترحة في البحث الآتي. وأمّا توضيح هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها.
فنقول : يمكن تفسيرها بوجهين :
أحدهما : ملاحظة نفس الآية بما فيها من الكلمات.
الثاني : دراستها بملاحظة الآيات الأخر التي وردت في هذا المضمار.
أمّا الأوّل : فالتدبّر في كلمة ( إِلا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ) يعطي أن الامتناع من نزول الآيات إنّما هو لأجل أنّ المقترحين كانوا يشابهون الأمم السابقة في الخلق والعناد ، فلهم ما لأوّليهم من الحكم حيث كانوا يقولون : ( مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ ) (٢) وكانوا يقولون : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُقْتَدُونَ ) (٣).
وعلى ذلك فلا فائدة في إرسال تلك الآيات لأنّهم لا يؤمنون بها ، فيكون إنزالها عبثاً لا فائدة فيها ، كما أنّ من قبلهم لم يؤمنوا عند إنزال الآيات (٤).
وقد عرفت في مفتتح البحث أنّ القيام بالإعجاز ليس أمراً اعتباطياً بل يتوقف على وجود شرائط في المقترح التي منها الاستعداد والتهيؤ للإيمان
__________________
(١) الإسراء : ٥٩.
(٢) المؤمنون : ٢٤.
(٣) الزخرف : ٢٣.
(٤) مجمع البيان : ٣ / ٤٢٣.