والتصديق ، وإذا كان القوم يشبه آخرهم أوّلهم في العناد واللجاج فلا جدوى في الإعجاز.
ويؤيد ذلك المعنى ما قاله سبحانه في ذيل الآية : ( وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ) مشيراً بذلك إلى أنّ القوم إخوان من سبقهم من ثمود ، حيث رأوا آية مبصرة بيّنة فظلموا أنفسهم بالتكذيب بتلك البينة الواضحة.
وينبئ عن هذا المعنى ذيل الآية : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفاً ) أيْ لا نرسل الآيات التي نظهرها على الأنبياء إلاّ عظة للناس وزجراً وتخويفاً لهم من مخالفة الله إن لم يؤمنوا ، غير أنّ هذا الشرط مفقود في هذه الزمرة فلا فائدة في القيام بالإعجاز.
وعلى ذلك فالمقاطع الثلاثة في الآية تشهد على أنّ الامتناع من القيام هو اليأس من حصول الإيمان وتأثير الإعجاز في قلوبهم ، وإليك هذه المقاطع الدالة على ما ذكرنا :
١. ( أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ) : والتعبير عن الأمم الهالكة بالأوّلين يشير إلى كون الآخرين امتداداً لهم ولفكرتهم وطريقتهم ، وفي كل وادٍ أثر من ثعلبة.
٢. ( وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ) مشيراً إلى أنّ القوم يشبهون قوم ثمود في تكذيب الآيات والظلم بها وبأنفسهم.
٣. ( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفاً ) مشيراً إلى أنّ الهدف من القيام بالآيات عظة الناس وزجرهم ودفعهم إلى الإذعان والإيمان.
وأمّا الثاني : أعني تفسير الآية بملاحظة بعض الآيات الواردة في هذا المضمار فإنّ القرآن يحكي بأنّ القوم ربّما كانوا يطلبون العذاب من النبي ، قال سبحانه : ( وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ