أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (١).
ولا ريب أنّ الهدف من نزول الآية هو دفع القوم إلى الإيمان لا أبادتهم وإهلاكهم ، فمثل هذه إلآية تضاد هدف الإعجاز وغايته ، فليس من البعيد أن يكون الامتناع من المجيئ ببعض الآيات هو لأجل أنّ مقترحهم كان إهلاكهم وإبادتهم ، ولعلّه إلى ذلك يشير قوله : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفاً ) أي عظة للناس وزجراً لا إهلاكاً وإبادة.
على أنّه يمكن أن يكون مقترحهم بعض الآيات التي يوجب تكذيبها نزول العذاب ، فإنّ القرآن يحكي لنا عن وجود تلك السنّة في بعض المعاجز ( لا كلّها ) قال سبحانه : ( كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ) (٢).
ولعله إلى هذا الجانب من هدف الآية يشير قوله : ( وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ) حيث إنّ من المعلوم أنّ قوم ثمود عمَّهم العذاب لما قاموا بتكذيب الآية (٣).
هذا هو مفاد الآية بملاحظة نفسها ، وبملاحظة أخواتها ، فمن أين يستدل بها الكاتب على أنّ النبي الأكرم كان غير مزود بمعجزة غير القرآن ؟!
الآية الرابعة عشرة
قال سبحانه : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ
__________________
(١) الأنفال : ٣٢.
(٢) الزمر : ٢٥.
(٣) وقد روى صاحب البرهان في تفسيره عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنّه قال : « وكنّا إذا أرسلنا إلى قريش آية فلم يؤمنوا أهلكناهم ، فلذلك أخّرنا عن قومك الآيات ». ( البرهان : ٢ / ٢٢٤ ).