يصفه بقوله : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ ) (١) فبعد ذلك ينقل اقتراحهم بقوله : ( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِن رَبِّهِ ) تعريضاً بالكتاب على أنّه ليس بآية معجزة وهذه السخرية نظير قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) (٢). ففي هذه الحالة ، وهذا الموقف هل يصح للنبي أن يقوم بتلبية مقترحهم ليكون عمله نوعاً من الاعتراف بعقيدتهم وتكريساً لاستهزائهم ؟!
ثم إنّه سبحانه يأمر نبيّه أن يجيبهم بقوله : ( قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ ) وهذا جواب عن زعمهم أنّ من يدّعي الرسالة يجب أن يكون متدرعاً بقوة غيبية يقدر بها على كل ما طولب به ، وحقيقة الجواب هي التصريح بأنّه لا يشارك في القدرة على المعاجز معه سبحانه فليس للنبي شيء إلاّ أن يشاء الله ، وقد تكرر هذا المضمون في القرآن الكريم غير مرة ، وعلى ذلك فليست الآية بصدد نفي الإعجاز عن النبي ، بل هي بصدد بيان حقائق غير منكرة في منطق العقل وهي : أنّ القادر المطلق هو الله سبحانه ، ولا يشاركه غيره والنبي لا يقوم بخرق العادة إلاّ بإذنه ، وأين ذلك ممّا يدّعيه الخصم ؟!
ويؤكد ذلك ذيل الآية : ( وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ).
الآية الثامنة عشرة
قوله سبحانه : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبْطِلُونَ ) (٣).
__________________
(١) العنكبوت : ٤٩.
(٢) الحجر : ٦ ـ ٧.
(٣) غافر : ٧٨.