خصوصياتها. فذهب الإمامية والأشاعرة إلى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلميشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وذهبت المعتزلة إلى خلاف ذلك قائلين : بأنّ شفاعة رسول الله للمطيعين ، دون العاصين ، وأنّه لا يشفع في مستحق العقاب من الخلق أجمعين (١).
وإلى ذلك يرجع أيضاً اختلافهم في معنى الشفاعة ، هل هي بمعنى طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقين للثواب كما ذهبت إليه الوعيدية ؟ أو إسقاط عقاب الفساق من الأمّة كما ذهب إليه غيرهم (٢) ؟ فانّ مآل النزاعين أمر واحد ، فتارة تطرح المسألة بلحاظ المشفوع له ، فيقال : هل هي للمطيعين أو الخاطئين ؟ وأُخرى بلحاظ نفس معنى الشفاعة ، هل هو طلب زيادة المنافع أو إسقاط العقاب ؟
وعلى كل تقدير ، فالشفاعة بإجمالها موضع اتفاق بين الأمّة الإسلامية ، ولا بأس أن نذكر بعض نصوص علماء الإسلام في هذا البحث حتى يكون القارئ على بصيرة من الأمر ، فنقول :
١. لقد أشار أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي السمرقندي المتوفّى عام ٣٣٣ ه في تفسيره ، إلى الشفاعة المقبولة ، واستدل لها بآية : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (٣) وقد أورد قبلها قوله سبحانه : ( وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) (٤).
وقال ما حاصله : إنّ الآية الأولى وإن كانت تنفي الشفاعة ، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية (٥).
__________________
(١) أوائل المقالات : ١٤ ـ ١٥.
(٢) كشف المراد : ٢٦٢.
(٣) الأنبياء : ٢٨.
(٤) البقرة : ٤٨.
(٥) تفسير الماتريدي المعروف بتأويلات أهل السنّة : ١٤٨.