٢. قال تاج الإسلام أبو بكر الكلابادي ( المتوفّى عام ٣٨٠ ه ) : أجمعوا على أنّ الإقرار بجملة ما ذكر الله سبحانه وجاءت به الروايات عن النبي في الشفاعة واجب لقوله تعالى : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ) (١) ولقوله : ( عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) (٢) وقوله : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (٣).
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي » (٤).
٣. قال المفيد : اتفقت الإمامية على أنّ رسول الله يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وأنّ أمير المؤمنين يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمّة آل محمد يشفعون كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ، ووافقهم على شفاعة الرسول ، المرجئة ، سوى ابن شبيب وجماعة من أصحاب الحديث ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك ، وزعمت أنّ شفاعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للمطيعين دون العاصين ، وانّه لا يشفع في مستحق العقاب من الخلق أجمعين (٥).
وقال في موضع آخر : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشفع يوم القيامة في مذنبي أُمّته من الشيعة خاصة فيشفّعه الله عزّ وجلّ ، ويشفع أمير المؤمنين في عصاة شيعته فيشفّعه الله عزّ وجلّ ، وتشفع الأئمّة في مثل ما ذكرناه من شيعتهم فيشفّعهم الله ، ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ويشفّعه الله ، وعلى هذا القول إجماع الإمامية ـ إلاّ من شذ منهم ـ وقد نطق به القرآن ، وتظاهرت به الأخبار قال الله تعالى في الكفار عند إخباره عن حسراتهم وعلى الفائت لهم ممّا حصل لأهل
__________________
(١) الضحى : ٥.
(٢) الإسراء : ٧٩.
(٣) الأنبياء : ٢٨.
(٤) التعرف لمذهب أهل التصوف : ٥٤ ـ ٥٥ ، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود.
(٥) أوائل المقالات : ١٥.