الإيمان : ( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (١) وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم: « إنّي أشفع يوم القيامة فأُشفّع ، ويشفع علي عليهالسلام فيشفّع ، وأنّ أدنى المؤمنين شفاعة يشفع في أربعين من إخوانه » (٢).
٤. وقال الشيخ الطوسي : حقيقة الشفاعة عندنا أن يكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع ، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيشفّعه الله تعالى ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصلاة لما روي من قوله عليهالسلام : « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي » وإنّما قلنا لا تكون في زيادة المنافع ، لأنّها لو استعملت في ذلك ، لكان أحدنا شافعاً في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا سأل الله أن يزيده في كرامته ، وذلك خلاف الإجماع ، فعلم بذلك أنّ الشفاعة مختصة بما قلناه ، والشفاعة ثبتت عندنا للنبي وكثير من أصحابه ولجميع الأئمّة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين (٣).
٥. يقول القاضي عياض : مذهب أهل السنّة هو جواز الشفاعة عقلاً ، ووجوبها سمعاً ، بصريح الآيات ، وبخبر الصادق ، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنّة عليها ، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها ، وتعلّقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار ، واحتجوا بقوله تعالى : ( فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) وأمثاله ، وهي في الكفّار ، وأمّا تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات ، فباطل ، وألفاظ الأحاديث في الكتاب وغيره صريحة في بطلان مذهبهم ، وإخراج من استوجب النار (٤).
__________________
(١) الشعراء : ١٠٠ ـ ١٠١.
(٢) أوائل المقالات : ٥٢ ـ ٥٣.
(٣) التبيان : ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٤) بحار الأنوار : ٨ / ٦٢ ، وشرح صحيح مسلم : ٢ / ٥٨.