٢٤. وقال محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي : وثبتت الشفاعة لنبينا محمد يوم القيامة ولسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسبما ورد ، ونسألها من المالك لها والآذن فيها بأن نقول : اللهم شفّع نبينا محمداً فينا يوم القيامة. أو اللّهم شفّع فينا عبادك الصالحين ، أو ملائكتك ، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم. إلى أن قال : إنّ الشفاعة حق في الآخرة ، ووجب على كل مسلم الإيمان بشفاعته ، بل وغيره من الشفعاء ، إلاّ أنّ رجاءها من الله فالمتعيّن على كل مسلم صرف وجهه إلى ربّه فإذا مات استشفع الله فيه نبيّه.
ويظهر من أكثر كلماته أنّه معتقد بأصل الشفاعة ، ولكن اختلافه مع غيره من المسلمين في طلبها ، فذهب إلى أنّه لا يطلب إلاّ من الله لا من الشفعاء (١).
٢٥. وقال السيد شبّر : اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيد المرسلين في أُمّته ، بل في سائر الأمم الماضين ، بل ذلك من ضروريات الدين ، قال الله تعالى : ( عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) وإنّما اختلف في معناها ، فالذي عليه الفرقة المحقة وأكثر العامة : أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لإسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقين للعذاب. والخوارج والمعتزلة : على أنّها لا تكون إلاّ في طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقين للثواب. ولكن الأدلة النقلية والعقلية تبطل مذهبهم في الواقع (٢).
٢٦. وقال الشيخ محمد عبده : ما ورد في إثبات الشفاعة من المتشابهات وفيه يقضي مذهب السلف بالتفويض والتسليم وإنّها مزية يختص الله بها من يشاء يوم القيامة ـ عبر عنها سبحانه بهذه العبارة « الشفاعة » ـ ولا نحيط بحقيقتها مع تنزيه الله جل جلاله عن المعروف في معنى الشفاعة في لسان
__________________
(١) راجع الهدية السنية الرسالة الثانية : ٤٢.
(٢) حق اليقين : ٢ / ١٨٦.